قال أبو الفتح: ولو أسندت الفعل إلى نفسك على التخفيف القياسي لقلتَ: (بَدَاتُ) بألف لا همز في لفظها، وعلى البدل: بَدَيْتُ، كما حكي عنهم: قَرَيتُ، وأَخْطَيْتُ، انتهى كلامه (١).
وقوله: ﴿مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ بدل من قوله: ﴿مِنْ سُلَالَةٍ﴾، والسلالة هنا: ما سُلّ من ظهور الرجال، والنسل: الولد، وسُمي نسلًا، لأنه ينسل منه، أي ينفصل منه ويخرج من صلبه، والمهين: الضعيف، والضمير في ﴿سَوَّاهُ﴾ للإِنسان. وقيل: للخلق. وقيل: للطين. وقيل للنسل. وقيل: للماء (٢).
﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا﴾ العامل في ﴿أَإِذَا﴾ ما دل عليه معنى الكلام، والتقدير: أَنُبْعَثُ إذا ضَلَلْنا في الأرض؟ أي: بلينا فيها وهلكت أجسامنا وصارت ترابًا، أو غبنا في الأرض بالدفن فيها. ولا يجوز أن يكون معمول ﴿جَدِيدٍ﴾، لأن ما بعد (إنَّ) لا يعمل فيما قبلها، وقد ذكر نظيره في غير موضع (٣).
والجمهور على فتح اللام، وقرئ: (ضَلِلْنَا) بكسرها (٤)، وهما لغتان بمعنى، يقال: ضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ وَضَلِلَ يَضَلُّ ضلَالًا فيهما، إذا ضاع وهلَك.
وقرئ أيضًا: (صَلِلْنَا) بالصاد غير معجمة وكسر اللام (٥)، أي: تغيرنا
(٢) اقتصر الطبري ٢١/ ٩٦ على الأول. والنحاس في الإعراب ٢/ ٦١٠ على الأخير.
(٣) انظر إعرابه للآية (٤٩) من الإسراء.
(٤) قرأها أبو رجاء، وطلحة، ويحيى بن وثاب. انظر إعراب النحاس ٢/ ٦١١. ومختصر الشواذ / ١١٨/. والمحرر الوجيز ١٣/ ٣٣. وزاد المسير ٦/ ٣٣٥.
(٥) نسبت إلى الحسن، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس رضي الله عنهم. انظر معاني الفراء ٢/ ٣٣١. وجامع البيان ٢١/ ٩٦. ومعاني النحاس ٥/ ٣٠٢. ومختصر الشواذ / ١١٨/. والمحتسب ٢/ ١٧٣. والمحرر الوجيز ١٣/ ٣٤.