فذوقوا هذا، أي: ما أنتم فيه من نكس الرؤوس والهوان بسبب نسيان اللقاء، وأن يكون هو اللقاء وفي الكلام حذف مضاف، أي جزاء لقاء يومكم هذا، وهذا الوجه يمشي على رأي أهل الكوفة في إعمالهم الأول لكونه أسبق، فاعرفه فإنه موضع (١).
﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿سُجَّدًا﴾ حال من الضمير في ﴿خَرُّوا﴾، أي: خروا لله ساجدين، وكذا ﴿بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ حال من الضمير في ﴿وَسَبَّحُوا﴾، أي: حامدين له، وكذا ﴿وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أي غير مستكبرين، ويجوز أن يكون مستأنفًا، أي: وهم لا يستكبرون، كما يَفْعَلُ مَنْ ﴿يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا﴾ (٢) وكذا ﴿تَتَجَافَى﴾ في موضع الحال من الضمير في ﴿لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾، أي: متجافية جنوبهم.
وكذا ﴿يَدْعُونَ﴾ في موضع الحال أيضًا، أي: داعين ربهم. وقيل: هو بدل من ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ﴾، ومعنى تتجافى جنوبهم: أي ترتفع وتنبو عن الفُرُش، وتجافَى الشيءُ عن الشيء، إذا تباعد ولم يلزمه، والمضاجع: جمع المضجع، وهو المكان الذي يُضطَجع عليه، والمضجع أيضًا: النوم، والمعنى: ترتفع أضلاعهم عن النوم فلا ينامون، وهم المتهجدون بالليل.
وقوله: ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ يجوز أن يكون مفعولًا له، أي: داعين ربهم لأجل خوفهم من سخطه وطمعهم في رحمته، وأن يكون في موضع الحال، أي: خائفين وطامعين، وأن يكون مصدرًا مؤكدًا من معنى (يدعون)، لأنه
(٢) سورة الجاثية، الآية: ٨. وانظر الكشاف ٣/ ٢٢١.