يدل على أنهم يخافون عذابه ويرجون رحمته، كأنه قيل: يخافون خوفًا ويطمعون طمعًا، فاعرفه فإنه نكتة.
﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ قرئ: (أُخْفِيَ) بفتح الياء (١)، على أنه فعل ماض مبني للمفعول، و ﴿مَا﴾ يجوز أن تكون استفهامية في موضع رفع بالابتداء، والخبر ﴿أُخْفِيَ﴾ مع ما اتصل به، والراجع إلى ﴿مَا﴾ هو القائم مقام الفاعل المنوي في ﴿أُخْفِيَ﴾، والجملة في موضع نصب بـ ﴿تَعْلَمُ﴾، وأن تكون موصولة منصوبة بـ ﴿تَعْلَمُ﴾.
وقرئ: بإسكان الياء (٢) على أنه فعل مستقبل مبني للفاعل وهو الله سبحانه، و ﴿مَا﴾ إن جعلتها استفهامية كانت في موضع نصب بـ (أخفي)، أي: فلا تعلم نفس أي شيء أُخفي أنا لهم؟ والجملة أيضًا في موضع نصب بـ ﴿تَعْلَمُ﴾، وإن جعلتها موصولة كانت في موضع نصب بـ ﴿تَعْلَمُ﴾، ويكون مفعول (أخفي) محذوفًا وهو الذكر الراجع إلى ﴿مَا﴾، والتقدير: ما أخفيه أنا لهم.
وقوله: ﴿مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ في موضع نصب على الحال إما من المنوي في

(١) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٢) قرأها حمزة، ويعقوب، انظرها مع قراءة الباقين في السبعة / ٥١٦/. والحجة ٥/ ٤٦٣. والمبسوط / ٣٥٤/. والتذكرة ٢/ ٤٩٨.


الصفحة التالية
Icon