﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ أي: مثل أمهاتهم، كقولهم: أبو يوسف أبو حنيفة (١). أي: هن مثلهن في تحريم نكاحهن عليهم على التأبيد.
وقوله: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ﴾ مبتدأ، و ﴿بَعْضُهُمْ﴾ بدل، والخبر ﴿أَوْلَى﴾، أو ﴿بَعْضُهُمْ﴾ مبتدأ ثان، و ﴿أَوْلَى﴾ خبره، والمبتدأ الثاني وخبره خبر عن المبتدأ الأول، و ﴿بِبَعْضٍ﴾ من صلة ﴿أَوْلَى﴾، لأن أفعل يعمل في الجار والمجرور، وكذا ﴿فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ من صلته، لأن الظرف تكفيه رائحة الفعل، و ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ من صلة ﴿أَوْلَى﴾، على معنى: وأولو الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق الولاية في الدين، ومن المهاجرين بحق الهجرة، و ﴿مِنْ﴾ على هذا للتفضيل، أي: هم أحق منهم بالميراث، ويجوز أن يكون للتبيين، فيكون متصلًا بقوله: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ﴾، والتقدير: وأولو الأرحام من المؤمنين والمهاجرين بعضهم أولى ببعض في الميراث من الأجانب.
وقوله: ﴿إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا﴾ (أن) وما اتصل بها في موضع نصب على الاستثناء المنقطع، والمعنى: وأولو الأرحام أولى من الأجانب في كل شيء من ميراث وغيره إلا في الوصية، فإنهم أحق بها منهم، بشهادة قوله عليه الصلاة والسلام: "لَا وَصِيةَ لِوَارِثٍ" (٢).
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى

(١) انظر البيان ٢/ ٣١. والمغنى: يقوم مقامه، ويسد مسده.
(٢) من حديث مرفوع أخرجه أبو داود في الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث (٢٨٧٠). والترمذي في الكتاب والباب نفسيهما (٢١٢١) كلاهما من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه. وانظر تعليق الحافظ ابن حجر عليه في الفتح كتاب الوصايا، باب لا وصية لوارث.


الصفحة التالية
Icon