﴿بِعَوْرَةٍ﴾ في الموضعين، وقرئ: (عَوِرَةٌ) بكسرها (١)، يقال: عَوِرَ المكانُ يعْوَرُ بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر عَوَرًا، إذا وقع فيه خلل يتخوف منه، فهو عَوِرٌ، وبيوت عَوْرَةٌ وعَوِرَةٌ. فإذا فهم هذا، فمن كسر الواو فهو اسم الفاعل من عَوِرَ، ومن أسكنها فيجوز أن يكون مُسَكَّنًا منه، وأن يكون مصدرًا في الأصل أُسكن تخفيفًا، وفي الكلام حذف مضاف على هذا، أي: ذات عَوْرَةٍ، ويجوز أن يكون في موضع اسم الفاعل على السعة، كقولك: رجل عدل، أي ذو عدل، أَو عَادِل، وأما صِحَّةُ الواو فيه على قراءة من كسرها فلصحتها في الماضي، فاعرفه.
﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (١٤) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ﴾: فعل ماض مبني للمفعول، والقائم مقام الفاعل المنوي فيه الراجع إلى المدينة أو إلى البيوت، والأصل: ولو دخل الأحزاب المدينة أو البيوت عليهم، أي: هم فيها، من قولك: دخلت على فلان داره، ثم ولو دُخلت المدينة، ثم ولو دُخلت. ﴿مِنْ أَقْطَارِهَا﴾: من جوانبها (٢).
وقوله: ﴿لَآتَوْهَا﴾: جواب (لَوْ)، وقرئ: بالقصر من الإتيان (٣)، وهو

(١) قرأها ابن عباس - رضي الله عنهما -، ويحيى بن يعمر، وأبو رجاء. انظر معاني النحاس ٥/ ٣٣١. ومختصر الشواذ / ١١٨/. والمحتسب ٢/ ١٧٦. والمحرر الوجيز ١٣/ ٥٦.
(٢) وواحد الأقطار: قُطْرٌ، وهو الناحية والجانب. (الطبري) و (الصحاح).
(٣) قرأها أبو جعفر، ونافع، وابن كثير. وأضيفت في السبعة، والحجة - كما سوف أخرج - إلى ابن عامر أيضًا، إلا أن مكي في الكشف لم ينسبها إلا إلى الحرمِيَّيْنِ، وهي عن ابن عامر من طريق ابن ذكوان كما في النشر.


الصفحة التالية
Icon