المجيء، أي: لجاؤوها وفعلوها، من قولك: أتيت الشيء، إذا فعلته، والتقدير: ولو سئلوا فعل الفتنة وإتيانها لفعلوها.
وقرئ بالمد من الإيتاء (١)، وهو الإعطاء، أي: لأعطوا الفتنة سائليها، والمعنى: لو قيل لهم: كونوا على المسلمين مع المشركين لفعلوا [ذلك].
وقوله: ﴿وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا﴾ الضمير في بها للمدينة، أو للبيوت، أو للإِجابة، أي: وما احتبسوا عن الإجابة إلى الكفر إلا قليلًا، أي: إلا زمانًا قليلًا، أو تلبثًا قليلًا.
وقوله: ﴿لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ﴾: جواب القسم، لأن قوله: ﴿عَاهَدُوا اللَّهَ﴾ قسم أو بمنزلة القسم، والمعنى: لا ينهزمون.
وقوله: ﴿لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ أي: إلا تمتعًا، أو زمانًا قليلًا.
﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (١٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ يجوز هنا أن يكون لازمًا بمعنى: تعالوا إلى نصرتنا، وأن يكون متعديًا بمعنى: قربوا أنفسكم إلينا، ولا يثنى ولا يجمع عند أهل الحجاز، ويثنى ويجمع عند تميم (٢)، وهو صوت سمي به
(٢) انظر إعراب النحاس ٢/ ٦٢٨. وصحاح الجوهري (هلم). هذا وقد سبق تخريجها عند آية الأنعام كما سيأتي.