الفعل، وقد مضى الكلام عليه في سورة الأنعام بأشبع ما يكون (١).
وقوله: ﴿وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ إلا إتيانًا، أو زمانًا قليلًا.
وقوله: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ جمع شحيح، وهو البخيل المبالغ في البخل، وانتصابه على الحال، أو على الذم، وذو الحال الضمير في ﴿وَلَا يَأْتُونَ﴾ أي: ولا يأتون الحرب إلا إتيانًا قليلًا شحيحين عليكم بالظفر والغنيمة. وقيل: بالمعونة. وقيل: بالنفقة (٢). ولا يجوز أن يكون ذو الحال المنوي في ﴿الْمُعَوِّقِينَ﴾، ولا المنوي في (القَائلينَ) كما زعم بعضهم (٣)، لأنه يكون داخلًا في صلة الألف واللام، وقد فرق بينهما بقوله: ﴿وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ﴾ وهو غير داخل في الصلة، اللهم إلا أن تجعل ﴿وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ﴾ في موضع الحال من المستكن في ﴿وَالْقَائِلِينَ﴾، فحينئذ يجوز أن يكون، ﴿أَشِحَّةً﴾ حال من ذلك المنوي لكونه كله داخلًا في صلة الألف واللام من (القَائلينَ).
وقيل: ﴿أَشِحَّةً﴾ صفة لقوله: ﴿قَلِيلًا﴾.
وقوله: ﴿رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ (ينظرون) في موضع الحال، لأن الرؤية من رؤية العين، وكذا قوله: ﴿تَدُورُ﴾ في موضع الحال أيضًا، إن شئت كان حالًا بعد حال، وإن شئت كان حالًا من الضمير في ﴿يَنْظُرُونَ﴾. وكذا الكاف في قوله: ﴿كَالَّذِي﴾: في موضع الحال أيضًا من الضمير في ﴿يَنْظُرُونَ﴾، أي: رأيتهم ناظرين إليك دائرة أعينهم مشبهين للمَغْشِيّ عليه من الموت، ولك أن تجعل الكاف صفة لمصدر محذوف، أي: تدور أعينهم دورًا، أو دورانًا مثل دور أو دوران عين الذي يُغشَى عليه من الموت، ثم حذف ما قدرته للعلم به.

(١) انظر إعرابه للآية (١٥٠) منها.
(٢) انظر جامع البيان ٢١/ ١٤٠. والنكت والعيون ٤/ ٣٨٥.
(٣) هو الفراء ٢/ ٣٣٨. وقد رد عليه النحاس في الإعراب ٢/ ٦٢٩ أيضًا. وانظر المحرر الوجيز ١٣/ ٥٨.


الصفحة التالية
Icon