و ﴿لَكُمْ﴾ خبرها. و ﴿فِي رَسُولِ اللَّهِ﴾ من صلة الخبر، أو من صلة ﴿كَانَ﴾ على قول من جوز ذلك، أو هو الخبر، و ﴿لَكُمْ﴾ تبيين وتخصيص.
وقوله: ﴿لِمَنْ كَانَ﴾ يحتمل أوجهًا:
أن يكون بدلًا من ﴿لَكُمْ﴾ بإعادة الجار، كقوله: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ﴾ (١). فإن قلت: كيف جاز أن يكون بدلًا وقد منعت النحاة البصريون إبدال الغائب من المخاطب؟ قلت: جَوَّزَ ذلك هنا ما فيه من التعميم، وذلك أن الخطاب ليس لقوم بأعيانهم، فلما كانوا كذلك نزلوا منزلة الغُيَّبِ، وجوزوا فيه ما لم يجوزوا في نظيره وهو البدل.
وأن يكون من صلة ﴿حَسَنَةٌ﴾ كأنه قيل: حسنت لمن كان يرجو الله.
وأن يكون صفة لـ ﴿أُسْوَةٌ﴾ بعد صفة، أي: إسوة حسنة ثابتة لمن كان، فحذف اسم الفاعل فانتقل الذكر إلى الظرف، ولا يجوز أن يكون من صلة ﴿أُسْوَةٌ﴾ على أنها بمعنى التأسي كما زعم بعضهم (٢) لأنها قد وصفت بقوله: ﴿حَسَنَةٌ﴾، فلا يتعلق بها بعد الصفة ما هو الصلة، لأجل التفرقة بين الصلة والموصول بالصفة، وذلك غير جائز، وقد مضى الكلام على نحو هذا في "العنكبوت" عند قوله: ﴿مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ﴾ بأشبع من هذا (٣).
و﴿كَثِيرًا﴾: صفة لمصدر محذوف، أي: ذكرًا كثيرًا.
{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (٢٣)
(٢) منعه أيضًا ابن الأنباري ٢/ ٢٦٧. والعكبري ٢/ ١٠٥٥.
(٣) انظر إعرابه للآية (٢٥) منها.