الإذن، أو على الاستثناء، أي: لا تدخلوها في وقت من الأوقات إلا وقت الإذن. وقيل: بأن يؤذن لكم (١). و ﴿إِلَى﴾ من صلة ﴿أَنْ يُؤْذَنَ﴾، ومعنى ﴿أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ أن تُدْعَوْا، أي: يدعوكم رسول الله - ﷺ - إلى طعام.
وقوله: ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ انتصاب قوله: ﴿غَيْرَ﴾ على الحال، وفي ذي الحال وجهان:
أحدهما: الضمير في ﴿لَا تَدْخُلُوا﴾، كأنه قيل: لا تدخلوا بيوت النبي إلا مأذونًا لكم، أو إلا وقت الإذن، ولا تدخلوها إلا غير ناظرين.
والثاني: الضمير المجرور في ﴿لَكُمْ﴾، والعامل على هذا ﴿أَنْ يُؤْذَنَ﴾، ولا يجوز جَرُّ ﴿غَيْرَ﴾ عند أصحابنا البصريين على أن يكون وصفًا للطعام، لأنه كان يلزم فيه إظهار الضمير الذي في ﴿نَاظِرِينَ﴾، فيقال: إلى طعام غير ناظرين إناه أنتم، لأن اسم الفعل إذا جرى وصفًا، أو خبرًا، أو حالًا، أو صلة على غير من هو له لم يستتر فيه ضمير الفاعل كما يستتر في الفعل، تقول: مررت برجل تضربه وأضربه ويضربه، فلا تحتاج إلى إبراز أنت وأنا وهو لعدم اللبس، ولا تقول: مررت برجل ضاربه، وأنت تريد ضاربه أنت أو أنا أو هو حتى تبرز الضمير فتقول: أنت أو أنا أو هو، لينتفي اللبس، لأنك تجد اللفظ في اسم الفاعل واحدًا وإن كان في التقدير مختلفًا، بخلاف الفعل، لأن الفعل تلحقه علامات مختلفة تدل على اختلاف هذه الأحوال، وفيه كلام لا يليق ذكره هنا. وكذا هنا اسم الفاعل للمخاطبين، فإذا أجريته على الطعام كان جاريًا على غير ما هو له، فتحتاج إلى أن تبرز الضمير فتقول: غير ناظرين إناه أنتم، ومع هذا فقد قرأ به ابن أبي عبلة (٢) وليس بالوجه لما ذكر (٣).
(٢) يعني أنه قرأ بجر (غير). وانظر قراءته في الكشاف ٣/ ٢٤٤. والمحرر الوجيز ١٣/ ٩٥. والقرطبي ١٤/ ٢٢٦.
(٣) انظر هذا التعليل في إعراب النحاس ٢/ ٦٤٥. ومشكل مكي ٢/ ٢٠٠ - ٢٠١. والكشاف ٣/ ٢٤٤.