و ﴿إِنَاهُ﴾ هنا يجوز أن يكون مصدرًا، يقال: أنَى الطعام يَأْنِي إِنًى، إذا أدرك، وإِنْيُ الطعام: إدراكُهُ، أي: غير منتظرين إدراكه. وأن يكون ظرف زمان، يقال أيضًا: أَنَى يَأْنِي إِنًى، أي حان، أي: غير منتظرين وقت الطعام وحينه. وفيه ثلاث لغات: أَنى، وإِنى، وإناء. وقيل: هو مقلوب من آن يئين أينًا (١)، قدمت النون قبل الألف، وغيرت الهمزة إلى الكسرة، وأُنشد:

٥٢٢ - أَلَمَّا يَئِنْ لِي أَنْ تُجَلَّى عَمَايَتِي وأُعْرِضُ عَنْ لَيْلَى بَلَى قَدْ أَنَى لِيَا (٢)
فجمع بين اللغتين كما ترى.
وقوله: ﴿وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ﴾ يجوز أن يكون مجرورًا عطفًا على ﴿نَاظِرِينَ﴾، وأن يكون منصوبًا عطفًا على ﴿غَيْرَ﴾، على: ولا تدخلوها مستأنسين، أو ولا تمكثوا مستأنسين، فيكون حالًا.
وقوله: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ﴾ أي: إن ذلكم اللبث. ﴿فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾: في الكلام حذف تقديره: فيستحيي منكم أن يأمركم بالخروج، يدل عليه ﴿وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾ يعني: أن أمره إياكم بالخروج حق، ما ينبغي أن يُستحيا منه، ومعنى ﴿وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾: لا يترك أن يبين لكم ما هو الحق.
وقوله: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ﴾ الضمير لنساء النبي - ﷺ - ولم يجر لهن ذكر في الآية، لأن الحال ناطقة بذكرهن لسبب ذكر البيوت، كأنه قيل: لا تدخلوها وفيها نساء.
وقوله: ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ﴾ ابتداء وخبر، أي: كلامكم إياهن من وراء حجاب أطهر لقلوبكم.
(١) حكاها الجوهري (أين) عن أبي زيد.
(٢) انظر هذا الشاهد في الصحاح، واللسان، كلاهما في (أين).


الصفحة التالية
Icon