وقوله: ﴿أَنْ تُؤْذُوا﴾ في موضع رفع باسم كان، ومثله: ﴿وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا﴾، أي: وما كان لكم في حكمه السابق نكاح أزواجه من بعده، أي: من بعد وفاته. وقيل: بعد طلاقه (١).
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ الجمهور على نصب الملائكة عطفًا على اسم ﴿إِنَّ﴾، والخبر ﴿يُصَلُّونَ﴾، ولا حذف، وعن بعض النحاة (٢):
إن في الكلام حذفًا، والتقدير: إدن الله يصلي على النبي وملائكته يصلون عليه، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، قال: ولا يجوز أن يكون قوله: ﴿يُصَلُّونَ﴾ متضمنًا لضمير الله جل ذكره والملائكة، لأن جمع الضمير في مثل ذلك يقتضي الاشتراك في الجنسية، والله تعالى منزه عن ذلك، واستدل على صحة ذلك بإنكار النبي - ﷺ - على رجل قال: "مَا شَاءَ الله وشِئْتَ" (٣). وقال: إن الواو كالجمع.
وقرئ: بالرفع (٤) عطفًا على محل إن واسمها، وهو ظاهر على مذهب

(١) انظر روح المعاني ٢٢/ ٧٣. وقال القرطبي ١٤/ ٢٣٠: فيه خلاف، والصحيح جواز ذلك. يعني بالنسبة للمطلقات.
(٢) انظر إعراب النحاس ٢/ ٦٤٥ - ٦٤٦.
(٣) أخرجه الإمام أحمد ١/ ٢١٤. وصححه أحمد شاكر (١٨٣٩). وابن ماجه (٢١١٧). والنسائي كما في فتح الباري عند حديث (٦٦٥٣). وهو عند النسائي من حديث آخر (٣٧٧٣).
(٤) رواها عبد الوارث عن أبي عمرو كما في مختصر الشواذ/ ١٢٠/. وقرأها ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في المحرر الوجيز ١٣/ ٩٨. والقرطبي ١٤/ ٢٣٢.


الصفحة التالية
Icon