النار، وجاز إسناد الفعل إليها وإن كان المقلِّبُ هو الله جل ذكره للملابسة التي بينهما، أعني بين النار والوجوه حيث كانت فيها، كقولهم: نَهَارُكَ صَائِمٌ، ولَيْلُكَ قَائِمٌ (١)، وكفاك دليلًا: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ (٢).
و(تَقَلَّبُ) بتاء واحدة مفتوحة (٣)، بمعنى تتقلب، والفعل للوجوه.
﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (٦٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا﴾ قرئ: بفتح التاء (٤)، وهو جمع سيد، واقع على القليل والكثير لكونه مُكَسَّرًا، وقرئ: (سَادَاتِنَا). بالألف بعد الدال وكسر التاء (٥)، وهو جمع سادة، وإنما جمع الجمع تنبيهًا على كثرة المضلين والمغوين، ونظيره قولهم: الطرقات والجرزات وشبههما، قال أبو الحسن: لا يكادون يقولون سادات، وهي عربية (٦).
وقوله: (لعنا كثيرا) قرئ: بالثاء (٧) لأنهم يلعنون لعنا بعد لعن، وذلك يقتضي الكثرة. وبالباء (٨) بمعنى عظيمًا. والقراءتان متقاربتان في المعنى وإن اختلف اللفظان.
(٢) سورة سبأ، الآية: ٣٣.
(٣) نسبها ابن خالويه / ١٢٠/ إلى الحسن، وعيسى، وأبي جعفر الرؤاسي. وعزاها ابن عطية ١٣/ ١٠٢ إلى أبي حيوة أيضًا.
(٤) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٥) قراءة صحيحة لابن عامر، ويعقوب. انظر السبعة / ٥٢٣/. والحجة ٥/ ٤٨٠. والمبسوط / ٣٥٩/. والتذكرة ٢/ ٥٠٣.
(٦) انظر قوله في الحجة ٥/ ٤٨١.
(٧) هذه قراءة جمهور العشرة ما خلا عاصمًا كما سوف أخرج.
(٨) قرأها عاصم وحده. انظر القراءتين في السبعة / ٥٢٣/. والحجة ٥/ ٤٨١. والمبسوط / ٣٥٩/. والتذكرة ٢/ ٥٠٣. والكشف ٢/ ١٩٩.