واختير رفعها على الابتداء والفتح على التبرئة لا على العطف على مثقال أو على ذرة، لأجل إتيان حرف الاستثناء بعدهما، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض.
وقوله: ﴿لِيَجْزِيَ﴾ فيه أوجه: أن يكون متصلًا بقوله: ﴿لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾، أي: لتأتينكم الساعة ليجزي الله الذين آمنوا. وأن يكون متصلًا بقوله: ﴿لَا يَعْزُبُ﴾ كأنه قيل: يحصي ذلك ليجزيهم. وأن يكون متصلًا بقوله: ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾، أي: أحصاه فيه ليجزيهم.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا﴾ مبتدأ، والخبر ﴿أُولَئِكَ﴾، (ومُعَجِّزِين) (١) حال من الضمير في ﴿سَعَوْا﴾.
وقرئ: (أليمٌ) بالرفع (٢) على أنه صفة للعذاب. وبالجر (٣) على أنه صفة للرجز، والقراءتان بمعنى. لأن الرجز هو العذاب، بشهادة قوله: ﴿لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ﴾ (٤).
﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ فيه وجهان، أحدهما: في موضع رفع على وجه الاستئناف، أي: ويعلم أولو العلم. والثاني: في موضع نصب عطفًا على ﴿لِيَجْزِيَ﴾، أي: وليعلم أولو العلْم، والأول أوجه، لأجل ما عطف عليه وهو (يَهْدِي)، وهو مرفوع كما ترى، وإذا كان كذلك فحمله عليه دون أن يكون مستأنفًا أولى.
(٢) هذه قراءة ابن كثير، وحفص عن عاصم، ويعقوب كما سوف أخرج.
(٣) هذه قراءة الباقين من العشرة. انظر السبعة / ٥٢٦/. والحجة ٦/ ٦. والمبسوط / ٣٦٠/. والتذكرة ٢/ ٥٠٤.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ١٣٤.