قليلٌ، هذا مذهب أصحابنا البصريين، وقال الكوفيون: هو بمعنى مفعول، مِنْ جدَّه، إذا قَطَعَه (١).
وقوله: ﴿أَفْتَرَى﴾ الهمزة همزة الاستفهام، وحذفت التي للوصل لحصول الاستغناء عنها، وأما إثباتها لها معها في نحو: آلقوم عندك؟ فلخوف التباس الاستفهام بالخبر، لكون همزة الوصل مفتوحة كهمزة الاستفهام.
وقوله: ﴿إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ... أَوْ نُسْقِطْ﴾ قرئ: بالنون فيهن لقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا﴾ (٢) وبالياء (٣)، لقوله: ﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾.
وقوله: ﴿نَخْسِفْ بِهِمُ﴾، قرئ: بالإظهار (٤) وهو الوجه، لأن الفاء لا تُدغم إلا في مثلها عند النحاة لما فيها من التأفيف، وهو زيادة صوت، وبالإدغام قرأ الكسائي (٥) لكونهما متقاربتين مع كون الباء شديدة مجهورة.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَاجِبَالُ﴾ على إضمار قول، أي: وقلنا يا جبال. وقيل: هو بدل من قوله: ﴿فَضْلًا﴾ (٦).
وقوله: ﴿أَوِّبِي مَعَهُ﴾ الجمهور على فتح الهمزة وكسر الواو وتشديدها، أي: سبحي معه، من تأويب القارئ، وهو ترجيع صوته بالقراءة، أو من التأويب الذي هو سير النهار (٧)، على معنى: سيري معه حيث شاء، وفي
(٢) من أول الآية التي تليها.
(٣) قرأ حمزة، والكسائي، وخلف بالياء فيها. وقرأ الباقون من العشرة بالنون. انظر السبعة / ٥٢٧/. والحجة ٦/ ٧. والمبسوط / ٣٦٠/.
(٤) يعني إظهار الفاء عند الباء، وهذه قراءة الجمهور غير الكسائي.
(٥) انظر قراءته في السبعة والحجة الموضعين السابقين. والتذكرة ٢/ ٥٠٥.
(٦) انظر الكشاف ٣/ ٢٥٣. والتبيان ٢/ ١٠٦٤.
(٧) انظر هذا القول في معاني النحاس ٥/ ٣٩٦. والنكت والعيون ٤/ ٤٣٥. وحكاه البغوي ٣/ ٥٤٩ عن ابن قتيبة.