التفسير: كانت الجبال تسير مع داود - عليه السلام - حيث شاء (١).
وقرئ: (أُوْبِي) بضم الهمزة وسكون الواو (٢)، على معنى: ارجعي، من آبَ يَؤوْبُ أَوْبًا وَإِيَابًا، إذا رجع، أي: ارجعي وعودي معه في التسبيح.
وقوله: ﴿وَالطَّيْرَ﴾ قرئ: با لنصب (٣)، وفيه أوجه: أن يكون عطفًا على محل (الجبال)، وهو قول صاحب الكتاب (٤)، وأن يكون منصوبًا بإضمار فعل، على: وسخرنا له الطير، وهو قول أبي عمرو بن العلاء (٥). وأن يكون عطفًا على ﴿فَضْلًا﴾، عنى: وآتينا تسبيح الطير، وهو قول الكسائي (٦). وأن يكون مفعولًا معه، أي: مع الطير (٧).
وقرئ: بالرفع (٨) عطفًا إما على لفظ الجبال، أو على المنوي في ﴿أَوِّبِي﴾، وأغنت ﴿مَعَهُ﴾ عن تأكيده.
وقوله: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ (أن) هنا يجوز أن تكون المفسرة بمعنى (أي)، لا مَحَل لها من الإعراب، على: قلنا له اعمل سابغات. وأن تكون في موضع نصب لعدم الجار وهو اللام، أي: ألنا له الحديد لأن يعمل، على الخبر، فأتى على لفظ الأمر ودخله (أن) على المعنى. أو جر لإرادته،
(٢) قرأها ابن عباس - رضي الله عنهما -، والحسن، وقتادة، وابن أبي إسحاق. انظر معاني النحاس ٥/ ٣٩٥. ومختصر الشواذ / ١٢١/. والمحرر الوجيز ١٣/ ١١٢ - ١١٣.
(٣) هذه هي القراءة المتواترة عن الجمهور.
(٤) حكاه عنه أيضًا النحاس في الإعراب ٢/ ٦٥٨. وانظر الكتاب ٢/ ١٨٦ - ١٨٧.
(٥) حكاه عنه أبو عبيدة في المجاز ٢/ ١٤٣. وانظر معاني الزجاج ٤/ ٢٤٣.
(٦) حكاه عنه النحاس في الموضع السابق. ومكي في المشكل ٢/ ٢٠٤.
(٧) أجازه أبو إسحاق في الموضع السابق. وانظر إعراب النحاس، ومشكل مكي الموضعين السابقين.
(٨) قرأها الأعرج، وأبو عبد الرحمن. انظر الكتاب ٢/ ١٨٧. وإعراب النحاس ٢/ ٦٥٧ - ٦٥٨. ومختصر الشواذ / ١٢١/. ونسبها ابن مهران في المبسوط / ٣٦١/ إلى روح وزيد عن يعقوب. كما وردت عن عاصم، وأبي عمرو. انظر مختصر الشواذ. والنشر ٢/ ٣٤٩.