عبيدة: كان رؤبة يهمز سِمية القَوْسِ، وسائر العرب لا يهمزونها (١). والمحذوف من سية القوس اللام، ووزنها (فعة) والهاء عوض عن اللام. واختلف فيها، فقيل: هي واو النسبة (سِئَوِيّ)، وقيل: ياء، وهو اختيار أبي الفتح (٢)، لغلبة الياء على اللام. والوجه عندي أن يكون واوًا، لأن باب قوة قليل، وهذا على قول من لم يهمز.
وقوله: ﴿فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ﴾ اعلم وفقنا الله وإياك أَنَّ (تبين) فعل يتعدى ولا يتعدى، يقال تبينَ الشيءُ، إذا ظهر وبان، وتبينته أنا، فإذا فهم هذا، فقوله جل ذكره: ﴿تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ﴾ جوز أن يكون لازمًا على معنى: فلما سقط سليمان ميتًا ظهر أمر الجن، فحذف المضاف، وقوله: ﴿أَنْ لَوْ كَانُوا﴾ أن مع صلتها بدل من الجن، وهو من بدل الاشتمال، كقولك: تبين فلان جهلهُ، أي: ظهر جهل الجن للناس.
وأن يكون متعديًا، فتكون ﴿أَنْ﴾ في موضع نصب، وهي مخففة من الثقيلة، أي: علمت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، والدليل على كونه متعديًا قراءة من قرأ: (تُبُيِّنَتِ الجِنُّ) على البناء للمفعول، وهو يعقوب (٣)، على أن المتبين في المعنى هو ﴿أَنْ﴾ مع ما في صلتها لكونه بدلًا.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ: (تَبَيَّنَتِ الإِنْسُ) (٤)، والضمير في ﴿كَانُوا﴾ في قراءته للجن.
(٢) المحتسب الموضع السابق.
(٣) قراءة صحيحة عن طريق رويس. انظر المبسوط / ٣٦١/. والتذكرة ٢/ ٥٠٦. والنشر ٢/ ٣٥٠.
(٤) انظر قراءته في معاني الفراء ٢/ ٣٥٧. وجامع البيان ٢٢/ ٧٤ - ٧٦. وإعراب النحاس ٢/ ٦٦٢. والمحتسب ٢/ ١٨٨. والنكت والعيون ٤/ ٤٤٢.