فاجتمع الناس عليه، فلما أفاق قال: ما لكم قد تَكَأْكَأْتُمْ عليَّ كَتَكَأكُئِكُم على ذي جِنّةً، افْرَنْقِعُوا عني (١).
قيل: والكلمة مركبة من حروف المفارقة مع زيادة العين، كما ركب اقْمَطَرَّ من حروف القمط مع زيادة الراء (٢). يقال: اقْمَطَرَّ يومنا، أي: اشتد (٣).
فهذه سبع قراءات فيها فاعرفهنّ، وقراءات (٤) الجمهور: (فَزَّع) و (فُزَّعَ).
وقوله: ﴿قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ﴾ (ما)، و (ذا) اسم واحد في موضع نصب بقال، أيْ: أيُّ شيء قال ربكم؟ بشهادة إتيان (الحق) الذي هو الجواب منصوبًا، لأن إعراب الجواب كإعراب الاسم المستفهم عنه.
وقرئ: (الحقُّ) بالرفع (٥)، فـ (ما) على هذه استفهام في موضع رفع بالابتداء، و (ذا) بمعنى الذي وراجِعُهُ محذوف، أي: ما الذي قاله ربكم، قال الذي قاله ربنا الحق، أي: فقوله الحق. وقد مضى الكلام على نحو هذا فيما سلف من الكتاب.
﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)﴾:

(١) انظر هذه الحكاية في المحتسب ٢/ ١٩٣. والكشاف ٣/ ٢٥٨ ومعجم الأدباء ١٢/ ٢٠٨. والمرار: مزاج يحل بالجسم. وذو جنة: المجنون.
(٢) قاله الزمخشري في الموضع السابق.
(٣) من الصحاح (قمطر).
(٤) كذا في الأصل ولو كانت: (قراءتا) لكان أفصح.
(٥) قرأها ابن أبي عبلة كما في البحر المحيط ٧/ ٢٧٩. والدر المصون ٩/ ١٨٢.


الصفحة التالية
Icon