قوله عز وجل: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (إِياكم) عطف على اسم (إنَّ) و (أو) على بابها، وقيل: هو بمعنى الواو (١). واختلف في الخبر المذكور، فقيل: هو الثاني وهو ﴿إِيَّاكُمْ﴾، وحذف خبر الأول لدلالة الثاني عليه. وقيل: بالعكس، والمراد: وإنا لعلى هدى أو في ضلال مبين وإنكم لعلى هدى أو في ضلال مبين. وهذا من كلام المنصف الوارد والمستعمل في كلام القوم الذي كل مَن سمعه مِن موافق أو مخالف قال لمن خوطب به: قد أنصفك صاحبك. ونظيره قول الرجل لصاحبه: أحدنا كاذب، وهو يعلم أنه صادق والمخاطب كاذب (٢).
وقوله: ﴿أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ﴾ (أروني) هنا يجوز أن يكون منقولًا من رأيت المتعدي إلى مفعولين، فيتعدى إلى ثلاثة مفاعيل: أحدها ياء النفس، والثاني الموصول، والثالث ﴿شُرَكَاءَ﴾، والتقدير: قل يا محمد لهؤلاء المشركين أروني الذين ألحقتموهم بالله شركاء، أي: جعلتموهم له شركاء في العبادة. وأن يكون منقولًا من رأيت المتعدي إلى مفعول واحد، فيكون ﴿شُرَكَاءَ﴾: حالًا من الضمير المحذوف الراجع إلى الموصول، أي: ألحقتموهم به مشركين، أي في هذه الحال. و ﴿كَلَّا﴾ ردع لهم عن مذهبهم، لاعتقادهم الفاسد أن له شركاء تستحق العبادة.
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (٣٠) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ
(٢) انظر هذا التفصيل أيضًا في إعراب النحاس ٢/ ٦٧٢. ومشكل مكي ٢/ ٢٠٩.