الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (٣١) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (٣٢)}:
قوِله عز وجل: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً﴾ في انتصاب قوله: ﴿كَافَّةً﴾ وجهان:
أحدهما: حال، وفي ذي الحال وجهان، أحدهما وهو الوجه: الكاف في ﴿أَرْسَلْنَاكَ﴾، والتاء على هذا للمبالغة، كالتي في الراوية، والعلامة، والنسابة، و ﴿لِلنَّاسِ﴾ من صلته، أي: أرسلناك جامعًا لهم على ملة الإسلام، والكف: الجمع، ومنه كفة القميص، أو كافًا لهم، أي: تكفهم عن الكفر والمعاصي، من كففتُ فلانًا عن الشيء، إذا منعتَهُ. والثاني: المجرور وهو (الناس)، أي: وما أرسلناك إلا للناس كافة، أي: جميعًا، وهذا خطأ عند جمهور النحاة، لأن ذا الحال مجرور، وتقدم حال المجرور عليه عندهم في الإحالة بمنزلة تقدم المجرور على الجار، ويبعد من وجه آخر وهو جعلهم اللام بمعنى (إلى).
والثاني: نعت لمصدر محذوف والتقدير: وما أرسلناك إلا إرسالةً كافةً، أي: عامة لهم محيطة بهم، لأنها إذا شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم، قاله الزمخشري (١).
وقوله: ﴿قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ﴾ الجمهور على إضافة الميعاد إلى اليوم، وهي إضافة تبيين، كَسَحْقِ عمامة (٢)، وإخلاقِ ثياب، وحكي: (ميعادٌ يومٌ) بالرفع والتنوين فيهما (٣)، على أن يكون (يومٌ) بدلًا منه، وفي الكلام حذف
(٢) أي عمامة بالية. والسحْق: الثوب البالي.
(٣) ذكرها الزمخشري ٣/ ٢٦٠ كقراءة، وحكاها أبو حيان ٧/ ٢٨٢ والسمين ٩/ ١٨٨ عنه. وهو وجه إعرابي أجازه النحويون. انظر معاني الفراء ٢/ ٣٦٢. وإعراب النحاس ٢/ ٦٧٣.