صَدَّنا. وأضيف المبهر إلى الليل والنهار اتساعًا، لأنهما لا يمكران، والمعنى: مكركم فيهما، فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به وإضافة المكر إليه، كقولهم: نهاره صائم، وليله قائم. وقوله:
٥٢٧ - * يَا سَارِقَ اللَّيْلَةِ أَهْلَ الدَّار* (١)
أي: في الليلة. أو جُعلا ماكرين على الإسناد المجازي. وقرئ: (بَلْ مَكْرٌ اللَّيلَ والنَّهَارَ) بالتنوين ونصب الظرفين (٢)، أي: صدّنا مكرٌ فيهما أو بل مكر فيهما صدنا على ما ذكر آنفًا، ونظيره: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ﴾ (٣).
و(بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) بفتح الكاف وتشديد الراء مرفوعًا ومنصوبًا (٤).
أما الرفع: فعلى الوجهين المذكورين قبيل، أي: بل صَدَّنا كرورُهُما علينا واختلافُ أوقاتهما، أو كرورُهما علينا بإغوائكم إيانا صَدَّنا، وأما النصب: فعلى الظرف، أي: صددتمونا مدة كرورهما، كقولك: أتيتك خفوقَ النجم، وصياحَ الديكة.
وقوله: ﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَا﴾ يجوز أن يكون ﴿إِذْ﴾ معمول الكر، أي مكرهما في هذا الوقت، وأدن يكون حالًا منه إذا جعلته فاعل فعل مضمر، أي: مكرهما كائنًا في هذا الوقت، لأن ظرف الزمان يجوز أن يكون حالًا من الحدث، كما يجوز أن يكودن خبرًا عنه. وعن أبي الحسن: ارتفاع المكر على تقدير: هذا مكر الليل والنهار (٥). وجاز دخول (بل) هنا وإن لم يقل

(١) تقدم هذا الشاهد مرارًا. انظر تخريجه عند رقم (١٦).
(٢) نسبها أبو الفتح ٢/ ١٩٣. وابن عطية ١٣/ ١٤١ إلى قتادة. ونسبها ابن الجوزي ٦/ ٤٥٨ إلى ابن يعمر. وهي إلى الاثنين في البحر ٧/ ٢٨٣.
(٣) سورة البلد، الآية: ١٤ - ١٥.
(٤) مرفوعًا قرأه سعيد بن جبير، وأبو رزين. ومنصوبًا قرأه راشد الذي كان يصحح المصاحف أيام الحجاج. انظر مصادر تخريج القراءة السابقة في المواضع نفسها.
(٥) معاني الأخفش ٢/ ٤٨٤. وحكاها عنه النحاس في الإعراب ٢/ ٦٧٤.


الصفحة التالية
Icon