لمن قال: أزيد عندك بل هو عندي؟ حملًا على المعنى، لأن معنى الاستفهام ها هنا الإنكار، كأنه قيل: ما صددناكم قبل، وإنما قيل: ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ بغير عاطف، ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ بالعاطف، لأن استضعفوا من أول كلامهم، فجيء بالجواب محذوف العاطف على طريقة الاستئناف، ثم جيء بكلام آخر للمستضعفين فعطف على كلامهم الأول.
﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (٣٨)﴾:
قوول عز وجل: ﴿نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا﴾ انتصابهما على التمييز.
وقوله: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى﴾ قال الفراء: ﴿بِالَّتِي﴾ للأموال والأولاد (١). وقال غيره: هي للأولاد خاصة، وحذف خبر الأموال لدلالة الثاني عليه (٢).
وقيل التقدير: وما جماعة أموالكم ولا جماعة أولادكم بالتي، وذلك أن الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء في حكم التأنيث (٣)، وعن الحسن: (باللاتي) (٤)، لأنها جماعات.
وعن بعضهم: (بالذي يقربكم) (٥)، أي بالشيء الذي يقربكم.
(٢) قول آخر للفراء كما في الموضع السابق. وهو مذهب أبي إسحاق كما في معانيه ٤/ ٢٥٥.
وإعراب النحاس الموضع السابق. وانظر القول في مشكل مكي ٢/ ٢١١ دون نسبة.
(٣) قاله الزمخشري ٣/ ٢٦١.
(٤) انظر قراءته -رحمه الله- وهي قراءة أبي بن كعب -رضي الله عنه-، وأبي الجوزاء أيضًا- في مختصر الشواذ / ١٢٢/. والكشاف ٣/ ٢٦٢. وزاد المسير ٦/ ٤٦٠. والبحر ٧/ ٢٨٥.
(٥) قراءة أيضًا ذكرها الزمخشري، وأبو حيان في الموضعين السابقين دون نسبة.