ومحل ﴿زُلْفَى﴾ النصب على المصدر، وهو مصدر مؤكد من غير لفظ الفعل، كأنه قيل: تقربكم عندنا تقريبًا.
وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ آمَنَ﴾ محل (مَنْ) النصب على الاستثناء وفيه وجهان، أحدهما: منقطع، أي: لكن من آمن. والثاني: متصل مستثنى من الضمير المنصوب في ﴿تُقَرِّبُكُمْ﴾، والمعنى: أن الأموال لا تقرب أحدًا إلا المؤمن الصالح الذي ينفقها في وجوه البر [والخير]، والأولاد لا تقرب أحدًا إلا مَن عَلَّمَهُمْ ما ينجيهم من عقاب الله.
وقال أبو إسحاق: هو بدل من الكاف والميم في ﴿تُقَرِّبُكُمْ﴾ (١)، وأنكر عليه أبو جعفر وغيره (٢)، لأن المخاطب لا يبدل منه الغائب، لسبب ذكر فيما سلف من الكتاب (٣). قلت: البدل هنا جائز، لأجل أن الخطاب ليس لقوم بأعيانهم، فهو في حكم الغُيَّبِ، فلذلك جوز أبو إسحاق فيه البدل، وقد ذكر نظيره في "الأحزاب" (٤).
وعن الفراء: أن محلها الرفع، على: إلا أموال من آمن وأولاده، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (٥).
وقوله: ﴿فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ﴾ الجمهور على إضافة الجزاء ورفعه، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول، والأصل: فأولئك لهم أن يجازوا الضعف، ﴿فَأُولَئِكَ﴾ مبتدأ، وأن يجاوزوا مبتدأ ثان، و ﴿لَهُمْ﴾ خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر للأول، ثم جزاءٌ الضعفَ، ثم

(١) معانيه ٤/ ٢٥٥.
(٢) انظر إعراب النحاس ٢/ ٦٧٧. ومشكل مكي ٢/ ٢١١. والبيان ٢/ ٢٨٢.
(٣) انظر إعرابه للآية (٢١) من الأحزاب.
(٤) تقدم تخريجها في الفقرة السابقة.
(٥) عنه النحاس في الإعراب ٢/ ٦٧٨ وقال: ولست أُحَصِّل معناه.


الصفحة التالية
Icon