يفتعلون من الدرس، ومعناه كمعنى قراءة الجمهور غير أن فيه زيادة معنى في قوة الدرس، لأن افتعل أقوى معنىً من فَعَل، إذ القوم لا يزيدون حرفًا في كلامهم إلا لمعنى وحكمة، وكفاك دليلًا قوله جل ذكره: ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾ (١) قالت النحاة: هو أبلغ من قادر (٢).
و(يُدَرِّسونها) بضم الياء وفتح الدال مع التشديد وكسر الراء (٣)، من التدريس وهو تكرير الدرس، أو من دَرَسَ الكتاب ودَرَّسَ الكتب، قاله الزمخشري (٤).
وقوله: ﴿وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ﴾ المعشار: العشر، كالمرباع بمعنى الربع، والعشر الجزء من أجزاء العشرة، وقيل: المعشار عشر العشر (٥).
وقوله: ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ أي: إنكاري، والنكير والإنكار تغيير المنكر.
﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٤٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾ بخصلة واحدة، وقد فسرها بقوله: ﴿أَنْ تَقُومُوا﴾ فأن تقوموا في موضع جر إما على البدل منها، أي: إنما أعظكم بأن تقوموا، أو على أنه عطف بيان لها، ويجوز أن يكون في موضع رفع على: هي أن تقوموا. ومذهب أبي إسحاق: أنها في موضع
(٢) انظر المحتسب ٢/ ١٩٥.
(٣) لو قال: مع كسر الراء وتشديدها لكان أوضح، ورويت هذه القراءة عن أبي حيوة أيضًا. انظر البحر المحيط ٧/ ٢٨٩. والدر المصون ٩/ ١٩٧.
(٤) الكشاف ٢/ ٢٣٦.
(٥) انظر النكت والعيون ٤/ ٤٥٥. والمحرر الوجيز ١٣/ ١٤٨.