نصب، على معنى: أعظكم بهذه لأن تقوموا (١).
وقوله: ﴿مَثْنَى وَفُرَادَى﴾ في موضع نصب على الحال من الضمير في أن تقوموا، أي: متفرقين، اثنين اثنين وواحدًا واحدًا، أو مجتمعين ووحدانًا. قيل: والذي أوجب تفرقهم مزدوجين اثنين اثنين، ومنفردين واحدًا واحدًا: أن الاجتماع مما يشوش الخواطر، ويعمي البصائر، ويمنع من الرويّة، ويخلط القول (٢).
وقوله: ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ فعل مستقبل معطوف على ﴿أَنْ تَقُومُوا﴾.
وقوله: ﴿مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ في (ما) وجهان:
أحدهما -وهو الوجه وعليه الجل- أنها نافية، أي: ليس بصاحبكم من جنة، أي: من جنون.
والثاني: أنها استفهامية، أي: ثم تتفكروا أي شيء بصاحبكم من جنون؟ أي: إذا تفكرتم واستدللتم علمتم أن لا جنون به.
فإن قلت: إذا كان ما للنفي، هل هو متصل بما قبله أو مستأنف؟ قلت: قد جوز أن يكون متصلًا، على معنى: ثم تتفكروا فتعلموا أليس بصاحبكم من جنون؟ وأن يكون مستأنفًا تنبيهًا من الله جل ذكره على طريقة النظر في أمر رسوله عليه الصلاة والسلام.
وقوله: ﴿لَكُمْ﴾ في موضع الرفع على أنه نعت لـ ﴿نَذِيرٌ﴾، وأما ﴿بَيْنَ يَدَيْ﴾ فيجوز أن يكون ظرفًا للظرف، وأن يكون حالًا من المنوي في الظرف، أو من المنوي في ﴿نَذِيرٌ﴾، لأنه بمعنى منذر، وأن يكون صفة بعد صفة لنذير.
(٢) قاله الزمخشري ٣/ ٢٦٣ - ٢٦٤.