قال أبو الفتح: ولا يصح (١) أن يكون معطوفًا على قوله: ﴿فَزِعُوا﴾ وهو بالواو، لأنه لا يراد: ولو ترى وقت فزعهم وأخذهم، وإنما المراد -والله أعلم- ولو ترى إذ فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا، فعطف (أُخِذُوا) على ما فيه الفاء المعلقة الأول بالآخر على وجه التسبب له عنه، وإذا كان معطوفًا على ما فيه الفاء، فكأن فيه فاءً، فيؤول الحديث إلى أنه كأنه قال: ولو ترى إذ فزعوا فأخذوا (٢)، هذا إذا كانت فيه فاء، وأما وفيه الواو فلا يحسن عطفه على ﴿فَزِعُوا﴾، بل يكون معطوفًا على ما فيه الفاء، انتهى كلامه (٣). ويجوز أن تكون الواو للحال و (قد) معها مرادة، أي: وقد أخذوا.
وجواب (لَو) محذوف، أي: لتعجبت، أو لرأيت أمرًا عظيمًا. و ﴿فَزِعُوا﴾ كل وما بعده في موضع جر بإضافة ﴿إِذْ﴾ إليه.
وقرئ: (وأَخْذٌ) بفتح الهمزة وإسكان الخاء وتنوين الذال (٤)، وفيه وجهان:
أحدهما: رفع بالابتداء وخبره محذوف، أي: وثَمَّ، أو وهناك أخذ لهم.
والثاني: رفع بفعل مضمر دل عليه ﴿فَلَا فَوْتَ﴾، أي: وأحاط بهم أخذٌ.
﴿وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (٥٤)﴾:

(١) في المحتسب ٢/ ١٩٦: (ينبغي) بدون (لا) وسياق الكلام على ما قاله المؤلف.
(٢) في (أ) و (ب): وأخذوا.
(٣) المحتسب الموضع السابق.
(٤) قرأها طلحة بن مصرف، وعبد الرحمن مولى بني هاشم عن أبيه. انظر مختصر الشواذ/ ١٢٢/. والمحتسب ٢/ ١٩٦. والمحرر الوجيز ١٣/ ١٥٠.


الصفحة التالية
Icon