وأن يكون حالًا، أي: متحسراتٍ، كأنه قيل: متحسرة، ثم تكررت منها الحسرة فجمعت، أو جعلت كأن كلها صارت حسرات لفرط التحسر، فاعرفه فإنه موضع. وقيل: نصب على التمييز، والوجه ما ذكر.
﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (٩) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾ ابتداء وخبر، أي: نشورُ الأموات مثلُ إحياء الموات، والنشور على بابه. وقيل: هو هنا بمعنى الإنشاء (١). و ﴿جَمِيعًا﴾ حال، أي: مجتمعة، يعني: عِزَّةَ الدارين.
وقوله: ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ الجمهور على رفع قوله: ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ﴾، وَرَفْعُهُ بالابتداء، والخبر ﴿يَرْفَعُهُ﴾. واختلف في الرافع والمرفوع: فقيل: الرافع هو الله، والمرفوع العمل. وقيل: الرافع العمل، والمرفوع الكلم. وقيل: الرافع الكلم وهو لا إله إلا الله، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، والمرفوع العمل، لأنه لا يُقبل عَمَلٌ إلا من مُوَحِّدٍ (٢).
وقرئ: (والعملَ الصالحَ) بالنصب (٣)، على إضمار فعل يفسره هذا الظاهر، والرافع: الله جل ذكره، أو ﴿الْكَلِمُ﴾، والمرفوع: العمل ليس إلا. ولا يجوز أن يكون المرفوع الكلم على قراءة النصب، لأن ﴿يَرْفَعُهُ﴾ مفسر للفعل المضمر، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض.
(٢) انظر هذه الأقوال مجتمعة ومخرجة في معاني النحاس ٣/ ٤٤١ - ٤٤٢. والنكت والعيون ٤/ ٤٦٤. ومعالم التنزيل ٣/ ٥٦٦ - ٥٦٧. وانظر قول ابن عباس -رضي الله عنهما- في الكشاف ٣/ ٢٧٠.
(٣) قرأها عيسى بن عمر، وابن أبي عبلة. انظر معاني النحاس ٢/ ٤٤٢. ومختصر الشواذ/ ١٢٣/.