وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾، في انتصاب ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ وجهان:
أحدهما: نعت لمصدر محذوف، أو لما في حكمه، تقديره: يمكرون المكرات السيئات، أو أنواع المكر السيئات، لأن ما أضيف إلى المصدر مما هو وصف له في المعنى بمنزلة المصدر، أو يسيئونَ السيئات، لأن المكر إساءة، فيكون مصدرًا من معناه لا من لفظه.
والثاني: مفعول به، على تضمين ﴿يَمْكُرُونَ﴾ معنى يكسبون ويعملون، لأن المكر كسب وعمل، فاعرفه.
وقوله: ﴿وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ (هو) هنا يجوز أن يكون فصلًا، وأن يكون تأكيدًا، وأن يكون مبتدأ. ومعنى يبور: يبطل، من بارَ عملُهُ بَوْرًا، إذا بطل.
﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١١) وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢)﴾
قوله عز وجل: ﴿بِعِلْمِهِ﴾ في موضع الحال، أي: ملتبسًا بعلمه، أو معلومًا له. ﴿وَلَا يُنْقَصُ﴾ الجمهور على ترك تسمية الفاعل، وقرئ: (ولَا يَنْقُصُ) على تسمية الفاعل (١). ونَقَصَ يتعدى ولا يتعدى، تقول: نقصتُ الشيءَ نقصًا، ونقصَ الشيءُ نقصانًا، فإذا فهم هذا، فهو على قراءة الجمهور متعد ليس إلا، وأما على هذه القراءة فيجوز أن يكون لازمًا، على: ولا

(١) قرأها روح وزيد عن يعقوب. وهي قراءة الحسن وغيره. انظر المبسوط/ ٣٦٧/. والتذكرة ٢/ ٥٠٩. والنشر ٢/ ٣٥٢.


الصفحة التالية
Icon