﴿وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾ اللام في ﴿وَلَئِنْ﴾ لام توطئة القسم، والقسم بعدها مضمر، وإنْ شرطية، و ﴿إِنْ أَمْسَكَهُمَا﴾ جواب القسم، وقد سد مسد الجوابين، و ﴿إِنْ﴾ بمعنى ما، وأمسك بمعنى يمسك، ومِن الأولى مزيدة لتأكيد النفي، والثانية لابتداء الغاية، والتقدير. ولئن زالتا والله ما يمسكهما أحد من بعده، أي: من بعد إمساكه إياهما. وقيل: ﴿لَئِنْ﴾ بمعنى لو (١)، وحكي عن بعض القراء أنه قرأ كذلك (٢).
﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (٤٢) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (٤٣) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (٤٤) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (٤٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ انتصابه على المصدر، ولك أن تجعله في موضع الحال، أي: جاهدين، وقد ذكر نظيره في غير موضع (٣).
وقوله: ﴿مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (٤٢) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾ المنوي في زاد لمجيء النذير، و ﴿نُفُورًا﴾ مفعول به ثانٍ. وأما ﴿اسْتِكْبَارًا﴾ فيجوز أن يكون بدلًا من ﴿نُفُورًا﴾، كأنه قيل: ما زادهم إلا استكبارًا. وأن
(٢) هو ابن أبي عبلة كما في المحرر الوجيز ١٣/ ١٨١. والبحر المحيط ٧/ ٣١٨.
(٣) تقدمت الآية في النحل (٣٨).