يكون مفعولًا له، أي: ما زادهم مجيئه إلا أن نفروا عن الحق للاستكبار في الأرض، وأن يكون في موضع الحال، أي: مستكبرين فيها، وأن يكون مصدرًا مؤكدًا وفعله مضمر، أي: واستكبروا استكبارًا.
وقوله: ﴿وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾ معطوف عليه، وحكمه في الإعراب حكمه في الأوجه، وقد جوز أن يكون معطوفًا على ﴿نُفُورًا﴾ (١) فيكون مفعولًا به، وإضافة المكر إلى ﴿السَّيِّئِ﴾ كصلاة الأولى، لأن ﴿السَّيِّئِ﴾، في المعنى صفة للمكر، والتقدير: ومكر الخلق السيِّئ. وقيل: هو من إضافة الشيء إلى جنسه، كثوب خز، لأن المكر قد يكون سيئًا وغير سيئ (٢)، والوجه هو الأول بشهادة قوله جل ذكره: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.
وقرأ حمزة (وَمَكْرَ السيِّئْ) بإسكان الهمزة (٣)، تخفيفًا لتوالي الحركات مع الياء والهمزة، وليس قول من قال (٤): إنه قَدَّرَ الوقفَ عليه، فأجرى الوصل مجرى الوقف، بمستقيم، لأن حمزة ليس مذهبه إبقاء الهمزة في الوقف على صورته، بل يزيله ويسهله على مذاق العربية، ومُلَحِّنُ حمزةَ في هذا ونظيره لكونه حذف حركة الإعراب مخطى جاهل بالقراءات وبوجوهها، وبلغات القوم وبما فيها من الاتساع: من الإشباع، والاختلاس، والإسكان، والحذف، والإثبات، وغير ذلك مما لا يُحْصى، مع أن حركات الإعراب قد تحذف في مواضع: منها الوقف، ومنها الإدغام، ومنها الأسماء والأفعال المعتلة (٥)، فلو كانت حركات الإعراب لا يجوز حذفها من حيث كانت دلالة الإعراب لم يجز حذفها في هذه المواضع، فإذا جاز حذفها في

(١) جوزه الزمخشري ٣/ ٢٧٨.
(٢) لم أجد هذا القول في المصادر التي بين يدي.
(٣) وحده من العشرة. انظر السبعة ٥٣٥ - ٥٣٦. والحجة ٦/ ٣٠. والمبسوط/ ٣٦٧/. والتذكرة ٢/ ٥١٠.
(٤) هو أبو علي في الحجة ٦/ ٣١.
(٥) في (أ): ومنها أسماء الأفعال المعتلة.


الصفحة التالية
Icon