التي قبلها لالتقاء الساكنين، [وياء النفْسِ اكتفاءً بالكسرة عنها، هذا على لغة من حركها، وأما على لغة من أسْكَنَها فحذفت لالتقاء الساكين] هي ولام التعريف (١). و ﴿لَا تُغْنِ﴾ جواب الشرط. و (لا) للنفي، فإن قلت: هل يجوز أن تجعل (ما) هنا موضع (لا)؟ قلت: لا، لأن (ما) وضع لنفي الحال، نحو: ما يفعل، وما زيد منطلقًا، و (لا) لنفي الاستقبال، نحو: لا يفعل، كذا ذكره صاحب الكتاب -رحمه الله- (٢)، وجواب الشرط مستقبل ليس إلا، فاعرفه.
وقوله: ﴿وَلَا يُنْقِذُونِ﴾ عطف على ﴿لَا تُغْنِ﴾ وعلامة الجزم حذف النون، وأصلها: ينقذونني.
﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَالَيْتَ قَوْمِي﴾ المنادى محذوف، أي: يا هذا، أو ياصاحبي.
﴿بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي﴾ جوز في (ما) أوجهًا: أن تكون مصدرية، أي: بغفران ربي إياي. وأن تكون موصولة وراجعها محذوف، أي: بالذي غفره لي ربي من الذنوب. وأن تكون استفهامية، بمعنى: أي شيء؟، أي: بأي شيء غفر لي ربي؟ وفيها معنى التعجب، كأنه تعجب من مغفرة الله له، تقليلًا لعلمه وتعظيمًا لمغفرة ربه، وهذا وجه حسن جيد من جهة المعنى، لكنه ضعيف من جهة إثبات الألف مع (ما)، والأجود طرحها معها للفرق بين الاستفهام والخبر في حال السعة والاختيار وإن كان إثباتها جائزًا وهو الأصل، نحو بما فعلت هذا؟ وبم فعلت؟ فطرحها أجود وعليه سائر ما في
(٢) انظر سيبويه ٤/ ٢٢١ - ٢٢٢.