والمنوي فيها يعود إلى اسم (إنَّ)، والمخصوص بالذم محذوف، أي: (هي)، وانتصاب قوله: ﴿مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ على التمييز، والمميز فاعل الفعل.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ قرئ: (يَقتِرُوا) بفتح الياء وكسر التاء وضمها (١)، و (يُقتِروا) بضم الياء وتخفيف التاء وتشديدها (٢). والقَتْر والإقتار والتقتير ثلاث بمعنى، وهو التضييق على النفس والعيال والوجوه المندوب إليها، وهو نقيض الإسراف، والإسراف: مجاوزة الحد في التوسع والإنفاق.
وقوله: ﴿وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ في (كَانَ) ضمير يعود إلى الإنفاق (٣) وهو اسم كان، و ﴿قَوَامًا﴾ خبرها، ﴿بَيْنَ﴾ لغو عار عن الذكر معمول الخبر، أي: وكان الإنفاق بين الإسراف والإقتار قوامًا، أي: اعتدالًا بينهما، ويجوز أن يكون مستقرًا فيكون فيه ذكر، و ﴿قَوَامًا﴾ إما خبر بعد خبر، أو حال مؤكدة، ولو اقتصر في الكلام على قوله: ﴿وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ لكان حسنًا كافيًا، لأنه إذا كان بينهما كان اعتدالًا.
وأجاز الفراء (٤) أن يكون ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾ اسم كان، على أنه مبني لإضافته إلى غير متمكن، وأُنكر عليه ذلك (٥)، وقيل: هذا وإن كان متينًا من جهة الإعراب، لكن ضعيف من جهة المعنى، لأن ما بين الإسراف والإقتار
(٢) قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن عامر: (ولم يُقِتروا) بضم الياء وكسر التاء. انظرها مع القراءتين السابقتين في السبعة / ٤٦٦/. والحجة ٥/ ٣٤٨. والمبسوط / ٣٢٤/. والتذكرة ٢/ ٤٦٦. وأما (ولم يُقتِّروا) فقراءة شاذة نسبها ابن خالويه / ١٠٥/ إلى العلاء بن سيابة، واليزيدي.
(٣) المضمر الذي يدل عليه (أنفقوا).
(٤) معانيه ٢/ ٢٧٣.
(٥) انظر إعراب النحاس ٢/ ٤٧٦. ومشكل مكي ٢/ ١٣٧.