التنوين لالتقاء الساكنين (١).
وقوله: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾: ابتداء وخبر، و ﴿فِي﴾ من صلة الخبر، والتنوين في (كُلٌّ) عوض من المضاف إليه، أي: وكلهم، والضمير قيل: للشموس والأقمار. وقيل: للشمس والقمر والكواكب، وأتى ﴿يَسْبَحُونَ﴾، بالواو والنون لوصفها بالسباحة، وهي من صفة من يعقل.
﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٤٤) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٤٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ﴾ (آيةٌ) مبتدأ، و ﴿لَهُمْ﴾ صفته، و ﴿أَنَّا حَمَلْنَا﴾ الخبر، ولك أن تجعل ﴿لَهُمْ﴾ الخبر، و ﴿أَنَّا﴾ مبتدأ ثان، والخبر ﴿حَمَلْنَا﴾، والجملة في موضع التفسير للآية، ولذلك جاز أن تكون (أنَّ) مبتدأة، من أجل تعلقها بما قبلها، لأن أنَّ الشديدة لا يجوز أن تكون مبتدأة بخلاف الخفيفة، نحو: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (٢)، فاعرفه.
وقوله: ﴿فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ﴾ الفاء هنا للعطف، و ﴿صَرِيخَ﴾ مبني مع لا وعليه الجمهور، وقوله: ﴿وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ﴾ مستأنف، ويجوز في الكلام (فلا صريخٌ) بالرفع والتنوين (٣)، على الابتداء والخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما

(١) يعني (سابقُ النهارَ) وهي مروية عن عمارة أيضًا. انظر إعراب النحاس ٢/ ٧٢٢. والقرطبي ١٥/ ٣٣.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٨٤.
(٣) حكاها أبو البقاء ٢/ ١٠٨٣ على أنها قراءة، ولم أجد من ذكرها غيره.


الصفحة التالية
Icon