الأصل ويل لنا، فحذفت اللام الأولى كراهة اجتماع المثلين.
وقرئ: (يا ويلتنا) بزيادة تاء (١)، على تأنيث الويل، كقوله: ﴿يَاوَيْلَتَى أَأَلِدُ﴾ (٢)، و ﴿يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ﴾ (٣)، فويلَةٌ كَعَيْلَةٍ (٤).
وقوله: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ (من) استفهام، أي: مَن أقامنا من موضع رُقادنا؟ وعن ابن مسعود -رضي الله عنه-: (من أَهَبَّنا من مرقدنا) (٥)، أي: من أيقظنا من رقودنا، أو من موضع رقودنا؟ المرقد هنا: يجوز أن يكون مكانًا، وأن يكون مصدرًا، مِن هَبَّ مِن نومه يَهُبُّ هَبًّا، إذا استيقظ، وأَهَبَّهُ غيرُهُ يهبُّهُ إِهَّبَابًا، إذا أيقظه، وأُنشد:
٥٣٢ - أَلا أَيُّهَا النُّوَّام ويَحْكموا هُبُّوا... نُسَائِلُكُمْ: هَلْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ الْحُبُّ (٦)
وقرئ: (مَنْ هَبَّنَا) بغير همزة (٧)، وفيه وجهان، أحدهما: بمعنى أَهَبَّنَا. والثاني أراد: هَبَّ بنا، بمعنى أيقظنا، فحذف الجار وأوصل الفعل، ولَعَمري هذا هو الوجه، لأن أحدًا من أهل اللغة لم يَحْكِ -فيما اطلعت عليه - هَبَّني بمعنى أيقظني، اللهم إلا أن يكون لُغية لم نطلع عليها.
(٢) سورة هود، الآية: ٧٢.
(٣) سورة الكهف، الآية: ٤٩.
(٤) انظر المحتسب ٢/ ٢١٣. وفيها بعض التصحيف في أوب، لكنها أصبحت في المطبوع مع الآيتين شاهدًا شعريًا، وعلق عليه محققه بأنه بيت ملفق من شطرين كل منهما ينتمي إلى بحر معين، وقال: لم أهتد إلى قائله؟ !
(٥) انظر قراءته في معاني الفراء ٢/ ٣٨٠. وجامع البيان ٢٣/ ١٦. ومعاني النحاس ٥/ ٥٠٤. والمحتسب ٢/ ٢١٤. والكشاف ٣/ ٢٨٩.
(٦) لجميل بن معمر، وللبيت قصة طريفة. انظر العقد الفريد ٦/ ٢٢٧. والأمالي ٢/ ٢٦٨. والموشح/ ٢٥٧/. والمحتسب ٢/ ٢١٤. وبعد هذا البيت عدة أبيات انظرها في سمط اللآلي ٩٤٦ - ٩٤٧.
(٧) قرأها أُبي بن كعب -رضي الله عنه- كما في المحتسب ٢/ ٢١٤. والمحرر الوجيز ١٣/ ٢٠٧.