عند قوله: ﴿يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ بأشبع ما يكون (١). والخطفة: مصدر، والألف واللام فيها للجنس. و ﴿خَلْقًا﴾ منصوب على التمييز.
﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤) وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (١٨) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بَلْ عَجِبْتَ﴾ قرئ: بفتح التاء، على معنى: بل عَجِبْتَ يا محمد من كفرهم وتكذيبهم مع ث ضوح الآيات. و (بل عَجِبْتُ) بضمها (٢)، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه مسند إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيضًا على إضمار القول، أي: قل أو قال: بل عَجِبْتُ.
والثاني: مسند إلى الله جل ذكره على معنى: بَلَغَ مِنْ عِظَمِ آياتي وكَثْرَةِ خلائقي أني عَجِبْتُ منها، فكيف بعبادي وهؤلاء بجهلهم وعنادهم يسخرون من آياتي؟ وفي الحديث: "عجب رَبُّكُمْ مِنْ شَابًّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوةٌ" (٣) وفيه: "عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ ألّكُم وقُنُوطِكمْ" (٤). فُسِّرَ الأول على معنى الاستحسان،
(١) انظر إعراب الآية (٢٠) منها.
(٢) هذه قراءة الكوفيين ما عدا عاصمًا، والباقون على الأولى. انظر السبعة/٥٤٧/. والحجة ٦/ ٥٣. والمبسوط/ ٣٧٥/. والتذكرة ٢/ ٥١٧.
(٣) أخرجه الإمام أحمد ٤/ ١٥١. والطبراني في الكبير ١٧/ ٣٠٩ بلفظ: "إن الله عز وجل ليعجب من الشاب ليست له صبوة". وأخرجه أبو يعلى (١٧٤٣) بلفظ المؤلف تقريبًا. كلهم من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا. وحَسَّنَ إسنادَه الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ٢٧٠.
(٤) كذا هذا الحديث في الكشاف ٣/ ٢٩٨. وقد أخرجه أبو عبيد في الغريب ٢/ ٢٦٩. وانظر الكافي الشافي/ ١٤١/. وقال أبو عبيد: المحفوظ بكسر الهمزة من (إلكم) لكن الفتح أشبه. وانظر غريب ابن الجوزي ١/ ٣٦.