وقوله: ﴿صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ انتصابهما على الحال، و ﴿صُمًّا﴾: جمع أصم ﴿وَعُمْيَانًا﴾: جمع أعمى.
وقوله: ﴿لَمْ يَخِرُّوا﴾ ليس بنفي للخرور، إنما هو إثبات له ونفي للصم والعمى، كقولك: لم يلقني فلان ضاحكًا، هو نفي للضحك لا للقاء، والمعنى: لم يتغافلوا عنها ويتركوها حتى يكونوا بمثابة من لا يسمع ولا يبصر.
وقوله: ﴿مِنْ أَزْوَاجِنَا﴾ يجوز أن يكون من صلة ﴿هَبْ﴾ و ﴿مِنْ﴾ لابتداء الغاية على معنى: هب لنا من جهتهم، وأن يكون حالًا من ﴿قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ و ﴿مِنْ﴾ للبيان، و ﴿قُرَّةَ﴾ مصدر قولك: قررت به عينًا، وقررت أيضًا قرة وقرورًا فيهما، ولهذا لم يجمع، وقرئ: (قرات أعين) على الجمع (١)، لاختلاف أجناسه، وهو من القُرِّ، وهو البرد.
وقوله: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ فيه أوجه:
أحدها: أنه مصدر في الأصل، فيقال أَمه يؤمه أمًا وإمامًا، كصام يصوم صومًا وصيامًا، فوحَّد لذلك.
والثاني: أنه أراد أَئمة، فاكتفى بالواحد لدلالته على الجنس ولعدم اللبس، كقوله: ﴿ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ (٢).
والثالث: أنه جَمْعُ إمامة، كقلادة وقلاد.
والرابع: أنه جمع آمّ، فاعل أَمَّهُ يَؤُمُّه فهو آمّ، كحالّ وحِلال، أو جمع آمٍ كراع ورعاء، على إبدال إحدى الميمين ياء كراهة التضعيف.

(١) نسبت إلى أبي هريرة، وأبي الدرداء، وابن مسعود - رضي الله عنهم -، انظر مختصر الشواذ / ١٠٥/. وزاد المسير ٦/ ١١١.
(٢) سورة غافر، الآية: ٦٧.


الصفحة التالية
Icon