والخامس: أنه أراد: واجعل كل واحد منا إمامًا، كقوله: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ (١).
والسادس: أنه أراد: واجعلنا واحدًا لاتحادنا واتفاق كلمتنا، والمعنى: واجعلنا أئمة يقتدي بها المتقون، أي: اجعلنا من أهل الصلاح، والعلم بدينك، والقيام به، والذي عنه، بحيث يقتدي بنا المتقون من عبادك.
وعن بعض أهل العلم: في الآية ما يدل على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها (٢).
﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (٧٥) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٧٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَيُلَقَّوْنَ﴾ قرئ: بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف على البناء للمفعول (٣)، من لَقَّيْتُ فلانا الشيءَ، إذا قابلته به، أي: وتتلقاهم الملائكة فيها بالتحية والسلام. ﴿تَحِيَّةً﴾ مفعول ثان، وذلك أن لقي فعل يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا نقل بتضعيف العين يتعدى إلى مفعولين كقوله: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ (٤).
(ويُلْقَوْنَ) بفتح الياء وإسكان اللام وتخفيف القاف على البناء للفاعل (٥)،
(٢) قاله الماوردي ٤/ ١٦١. وانظر المحرر الوجيز ١٢/ ٤٥. وجامع القرطبي ١٣/ ٨٣.
(٣) هذه قراءة أكثر العشرة كما سيأتي.
(٤) سورة الإنسان، الآية: ١١.
(٥) هذه قراءة أبي بكر عن عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف. والباقون على الأولى. انظر القراءتين في المبسوط / ٣٢٥/. والتذكرة ٢/ ٤٦٧. والكشف ٢/ ١٤٨. والنشر ٢/ ٣٣٥. وفي السبعة / ٤٦٨/ أضيف اسم ابن عامر إلى القراءة الثانية، وكذا في الحجة ٥/ ٣٥٤. ولم أجد من نبه على ذلك. والله أعلم.