فأجرى أَقائلُنَّ مجرى أَتقولُنَّ، وذلك أنه أكد اسم الفاعل بالنون وإنما بابها الفعل، نحو: هل تضربنَّ زيدًا؟ ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا﴾ (١) وأنكر أبو حاتم وغيره هذا وقال: لو كان كذلك لكان (مُطْلِعِيَّ) بقلب واو (مطلعون) ياء لوقوع ياء المتكلم بعدها، ووجهه ما ذكر آنفًا.
وقوله: ﴿فَاطَّلَعَ﴾ الجمهور على تشديد الطاء وفتح اللام على لفظ الماضي، قال أبو إسحاق: طَلَعَ وأَطْلَعَ واطَّلَعَ بمعنى (٢). وقرئ: (فأطْلِع) بضم الألف وإسكان الطاء وكسر اللام (٣)، وذلك يحتمل وجهين:
أن يكون ماضيًا مبنيًا للمفعول مسندًا إلى مصدره، أي: فأُطلع الإطلاعُ، كما تقول: قِيم، وقُعد، على معنى: قيم القيام، وقعد القعود، هذا إذا جعلته لازمًا بمعنى طَلَعَ، وإن جعلته متعديًا من أطلعه غيره فوجهه ظاهر.
وأن يكون مستقبلًا منصوبًا على الجواب بالفاء، لأنه جواب استفهام لازمًا كان أو متعديًا، أي: فأطلع أنا، أو فأطلع غيري عليه، فاعرفه فإن فيه بعض غموض.
وقوله: ﴿إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ﴾ (إن) مخففة من الثقيلة، وهي تدخل على كاد كما تدخل على كان لما بينهما من المؤاخاة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية. والإرداء: الإهلاك، والردَى: الهلاك، رَدِيَ فلانٌ وأرديته.
{أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١) أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ
(٢) معانيه ٤/ ٣٠٤.
(٣) هي تابعة لقراءة من قرأ: (مُطْلعونَ). انظر مختصر الشواذ، والمحتسب، والمحرر الوجيز، وزاد المسير عند القراءة السابقة.