﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (٧٩) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ﴾، قيل: اللام الداخلة على نِعم جواب قسم محذوف، والمخصوص بالمدح محذوف، والتقدير: فوالله لنعم المجيبون نحن. و ﴿هُمُ﴾: فصل.
وقوله: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ﴾ اختلف في مفعول (تَرَكْنَا):
فقيل: محذوف تقديره: وتركنا عليه في الآخرين ثناءً حسنًا، فحذف المفعول به، وبه تم الكلام، ثم ابتدأ جل ذكره فقال: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ﴾. (سلام على نوح) تفسير للمفعول (١).
وقيل: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ﴾ هو مفعول (تَرَكْنَا) (٢)، فـ ﴿سَلَامٌ﴾ مبتدأ، و ﴿عَلَى نُوحٍ﴾ خبره، والجملة في موضع نصب بتركنا، أي: وتركنا عليه في الآخرين من الأمم هذه الكلمة وهي: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ﴾، يعني: يسلمون عليه تسليمًا ويدعون له، وهو من الكلام المحكي، كقولك: قرأت: ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا﴾ (٣)، وقوله: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ﴾ (٤).
وقيل: معنى تركنا: قلنا (٥).
(٢) هذا القول للفراء ٢/ ٣٨٧ - ٣٨٨. وانظر الكشاف ٣/ ٣٠٣. والمحرر الوجيز ١٣/ ٢٤١.
(٣) سورة النور، الآية: ١.
(٤) سورة النمل، الآية: ٥٩.
(٥) التبيان ٢/ ١٠٩٠.