وقوله: ﴿إِذْ قَالَ﴾ (إذ) هذه بدل من الأولى، ويجوز أن تكون معمولة ﴿جَاءَ﴾ أو ﴿سَلِيمٍ﴾. وقوله: ﴿مَاذَا﴾ يجوز أن تكون (ما) استفهامية و (ذا) بمعنى الذي، وأن يكون كلاهما اسمًا واحدًا، وقد مضى نظائره في غير موضع (١).
وقوله: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ﴾ (إفكًا) مصدر قولك: أَفَكَ فُلانٌ يَأْفكُ أَفْكًا وإِفْكًا (٢)، إذا كذب، وانتصابه يحتمل أوجهًا:
أن يكون مفعولًا به لتريدون، والتقدير: أتريدون إفكًا، ثم أوضح الإفك بقوله: ﴿آلِهَةً﴾ فأبدل منه على أنها إِفْكٌ في نفسها، ولك إن تقدر في الكلام حذف مضاف، والتقدير: أتريدون إفكًا عبادةَ آلهةٍ؟ فحذف المضاف، وإنما احتيج إلى هذا لأن ﴿أَئِفْكًا﴾ معنى و ﴿آلِهَةً﴾ عين، والموضِح ينبغي أن يكون مثل الموضَح.
وأن يكون في موضع الحال، إما من الفاعلين، وإما من المفعولين، وآلهة مفعول ﴿تُرِيدُونَ﴾، والتقدير: أتريدون آلهة من دون الله آفكين، أو مأفوكًا فيها؟
وأن يكون مفعولًا له، أي: أتريدون آلهة من دون الله إفكًا؟ أي للإفك، قيل: وإنما قدم المفعول على الفعل للعناية، وقدم المفعول له على المفعول به، لأنه كان الأهم عنده أن يكافحهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم، فاعرفه فإنه موضع (٣).
والإفك: أسوأ الكذب، عن محمد بن يزيد وغيره (٤).
و﴿مُدْبِرِينَ﴾: حال.
(٢) في الصحاح: المصدر: أَفْك. والاسم: إفك.
(٣) انظر هذا القول مع جميع الأوجه في الكشاف ٣/ ٣٠٣.
(٤) انظر قول أبي العباس المبرد في إعراب النحاس ٢/ ٧٥٦ - ٧٥٧.