وقوله: ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ انتصاب قوله: ﴿ضَرْبًا﴾ على المصدر إما من (راغ) حملًا على المعنى، كأنه قالَ: فَضَرَبَهُمْ ضربًا، لأنّ (راغ عليهم) في معنى ضربهم، وإما من مضمر، أي: فراغ عليهم يضربهم ضربًا، وهو في كلا التقديرين مصدر مؤكد لفعله، ولك أن تجعله في موضع الحال من المنوي في الفعل أي: ضاربًا. ومعنى راغ: مال عليهم في السر، ولذلك عُدِّي بعلى حيث كان في السر، يقال: مال فلان على فلان بالسيف يضربه، وإذا لم يكن في السر فيُعدّى بإلى.
وقرئ: (صَفْقًا) و (سَفْقًا) بالصاد والسين (١)، يقال: صَفَقْتُ البابَ وسَفَقْتهُ بمعنىً، ومعناهما الضرب.
﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ قرئ: بفتح الياء، من زَفَّ يَزِفُّ زَفًّا وزَفِيفًا، إِذا أسرع. و (يُزِفُّونَ) بضمها (٢)، إما من أَزَفَّ، إذا دخل في الزفيف، أو من أزفه، إذا حمله على الزفيف، فالمفعول على هذا محذوف، أي: يُزِفّ بعضُهم بعضًا، أي: يحمل بعضهم بعضًا على الزفيف. قال الأصمعي: يقال: أَزْفَفْتُ الإبل، إذا حملتَها على أن تزفَّ، وهو سرعة الخطو، ومقاربة المشي (٣). وقيل: إنهما لغتان بمعنىً، يقال: زَفَّ القومُ

(١) قرأ ابن مسعود -رضي الله عنه-: (صفقًا). انظر معاني الفراء ٢/ ٣٨٨. ومختصر الشواذ / ١٢٨/. وحكى ابن جني في المحتسب ٢/ ٢٢١: (صفقًا) و (سفقًا) بالسين والصاد، وعزاها إلى الحسن. وفي المحرر الوجيز ١٣/ ٢٤٤: (صفعًا) بالعين.
(٢) قرأ حمزة، والمفضل عن عاصم بضم الياء. وقرأ الباقون بفتحها. انظر السبعة /٥٤٨/. والحجة ٦/ ٥٦. والمبسوط / ٣٧٦. والتذكرة ٢/ ٥١٩.
(٣) انظر قول الأصمعي في الحجة ٦/ ٥٧.


الصفحة التالية
Icon