آنفًا، إلا أنه نُقل بالهمزة فتعدى إلى مفعولين، وهو مضارع أَرَيْت، أي: ماذا تُرِي أباك وتبديه من صبرك أو جزعك؟ فماذا مفعول أول وأباك ثانٍ، هذا إذا جعلت ﴿مَاذَا﴾ اسمًا واحدًا، وإن جعلت (ما) مبتدأ و (ذا) بمعنى الذي خبره، كان التقدير: ما الذي تريه أباك، أو ما الذي ترينيه؟ وقيل معناه: ماذا تشير؟ ماذا تأمر؟ (١) وقال أبو إسحاق: ماذا تُبيْنُ (٢).
وقرئ أيضًا: (ماذا تُرَى) بضم التاء وفتح الراء على البناء للمفعول (٣)، على: ماذا تريك نفسُكَ من الرأي؟ ثم ماذا تُرَى؟
وقوله: ﴿يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ أي: ما تؤمر به من ذبحي، لأني أعلم أن هذه الرؤيا وحي إليك، وأمر لك بذبحي، فحذف الجار فبقي ما تؤمره، ثم ما تؤمر، فـ ﴿مَا﴾ على هذا موصولة، ويجوز أن تكون مصدرية فلا حذف إذن، أي: افعل أمرك، أي: مأمورك.
﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾: اختُلف في جواب (لما) فقيل: محذوف، أي: فلما استسلما لأمر الله وأطاعاه، كان ما كان مما تنطق به الحال ولا يحيط الوصف، من استبشارهما، واغتباطهما، وحمدهما لله، وشكرهما على ما أنعم به عليهما من دفع البلاء العظيم بعد حلوله. وقيل: ﴿وَتَلَّهُ﴾ أو ﴿وَنَادَيْنَاهُ﴾، والواو صلة (٤).

(١) القولان للإمام الطبري ٢٣/ ٧٨ لكنه جعل (ماذا تأمر) تفسيرًا لـ (تَرى) بفتح التاء و (ماذا تشير) تفسيرًا لـ (تُرِي) بضم التاء. وانظر الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٢٢٧.
(٢) الذي في كتاب أبي إسحاق ٤/ ٣١٠. وحكاه عنه النحاس في المعاني ٦/ ٤٨. والقرطبي ١٥/ ١٠٣: (ماذا تشير). ثم إني وجدت ما حكاه المؤلف رحمه الله في زاد المسير ٧/ ٧٥ حيث قال ابن الجوزي: (ماذا تبين) قاله الزجاج، وقال غيره: ماذا تشير؟ فالله أعلم.
(٣) قرأها الأعمش، والضحاك. انظر المحتسب ٢/ ٢٢٢. والمحرر الوجيز ١٣/ ٢٤٨. والبحر ٧/ ٣٧٠.
(٤) أي زائدة، وهذا القول للكوفيين كما في إعراب النحاس ٢/ ٧٦٣. ومشكل مكي ٢/ ٢٤٠.


الصفحة التالية
Icon