وقوله: ﴿فِي بَطْنِهِ﴾ يجوز أن يكون من صلة (لبث)، وأن يكون حالًا من المنوي فيه. وكذا ﴿إِلَى﴾ يجوز أن يكون من صلة (لبث)، وأن يكون من صلة محذوف على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: لبثًا كائنًا إلى يوم يبعثون.
وقوله: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ (أو) هنا عند المحققين من أصحابنا على بابه (١)، ومعناه الإبهام في مرأى الناظر، أي إذا رآهم الرائي قال: هؤلاء مائة ألف أو أكثر، والغرض: الوصف بالكثرة. وقيل: ﴿أَوْ﴾ بمعنى بل. وقيل: بمعنى الواو، والوجه هو الأول (٢).
و﴿يَزِيدُونَ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: أو هم يزيدون. وقرئ: (ويزيدون) بالواو (٣)، أي: وهم يزيدون على المائة، فالواو عاطفة جملة على جملة، ولا يجوز أن تعطف على ﴿مِائَةِ﴾، لأن ﴿إِلَى﴾ لا تعمل في ﴿يَزِيدُونَ﴾، ولا يجوز أن تعطف على ما تعمل فيه (إلى)، كما لا يجوز أن تقول مررت بقائم ويقعد، وأنت تريد بقائم وقاعد، فكذلك لا يجوز أن تعطف ﴿يَزِيدُونَ﴾ على ﴿مِائَةِ﴾ على أن يكون المعنى: وأرسلناه إلى مائة وزائد، ولا يجوز أيضًا أن يحمل على تقدير حذف موصوف على: وأرسلناه إلى مائة ألف وجمعٍ يزيدون، لفساد المعنى، وذلك أن المعنى يصير: وأرسلناه إلى جَمْعَيْنِ أحدهما: مائةُ ألفٍ، والآخر زائد على مائة ألف، وليس المعنى على ذلك، ولا جاء هذا عن أحد من أهل التأويل (٤).
(٢) يعني كون (أو) على بابه. وهو ما رجحه الزجاج ٤/ ٣١٤. والنحاس في المعاني ٦/ ٦٠ - ٦٢. وبه قال المبرد. وكونها بمعنى (بل) هو قول ابن عباس -رضي الله عنه- كما في جامع البيان ٢٣/ ١٠٤. وبه قال الفراء ٢/ ٣٩٣. وأبو عبيدة ٢/ ١٧٥. وأما كونها بمعنى الواو فهو قول ابن قتيبة كما في معاني النحاس الموضع السابق.
(٣) يعني بدل (أو) وهي قراءة جعفر بن محمد كما في المحتسب ٢/ ٢٢٦. وقراءة أبي -رضي الله عنه-، ومعاذ القارئ، وأبي المتوكل، وأبي عمران الجوني كما في زاد المسير ٧/ ٨٩.
(٤) انظر هذا التخريج في المحتسب الموضع السابق أيضًا.