﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (١٥٠) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٥٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا﴾ في (أم) هنا وجهان:
أحدهما: منقطعة، أي: بل أخَلَقْنا الملائكة إناثًا وهم حاضرون خَلْقنا إياهم.
والثاني: متصلة، ومعناها السؤال عن أحد الشيئين، والمعنى على إضمارٍ، والتقدير: أَحَصَل لهم العلم بدليل العقل بانفرادنا بالبنات دون البنين أم خلقنا الملائكة إناثًا وهم شاهدون؟ و ﴿إِنَاثًا﴾ حال، وهي جمع أنثى. وكذا ﴿وَهُمْ شَاهِدُونَ﴾ في موضع الحال.
وقوله: ﴿وَلَدَ اللَّهُ﴾ أي يقولون: وَلَد اللهُ أولادًا هم الملائكة. وقرئ: (وَلَدُ اللهِ) برفع الدال وجر الجلالة بالإضافة (١)، على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي الملائكة وَلَدُهُ، والوَلَدُ: يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، يقال: هذه وَلَدِي، وهؤلاء وَلَدِي، هو فَعَلٌ بمعنى مفعول.
وقوله: ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ﴾ الجمهور على فتح الهمزة، وهي استفهام على وجه الإنكار والاستبعاد، كقوله: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ﴾ (٢)، وحذفت همزة الوصل اكتفاء بهمزة الاستفهام لعدم اللبس، وقرئ: (اِصطفى) بكسر الهمزة على الخبر (٣)، وذلك يحتمل أوجهًا: أن
(٢) سورة الزخرف، الآية: ١٦.
(٣) يعني أن تكون الهمزة للوصل. وتكسر في الابتداء بها، وهي قراءة صحيحة لأبي جعفر، ونافغ في رواية. انظر السبعة / ٥٤٩/. والحجة ٦/ ٦٣ - ٦٤. والمبسوط / ٣٧٨/. والتذكرة ٢/ ٥٢٠. والنشر ٢/ ٣٦٠.