﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ﴾ نصب على الاستثناء المنقطع، واختلف في المستنثى منه، فقيل: من ﴿لَمُحْضَرُونَ﴾ على: ولكنّ المخلصين ناجون. وقيل: من الواو في ﴿وَجَعَلُوا﴾، و ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ﴾ على هذا اعتراض بين الاستثناء وبين ما وقع منه. وقيل: من الواو في ﴿يَصِفُونَ﴾، على معنى: يصفه هؤلاء بذلك ولكن المخلصين بُرآء من أن يصفوه به (١).
وقوله: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ (وما تعبدون) الواو عاطفة، و (ما) موصولة منصوبة المحل عطفًا على اسم (إن). و ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ (ما) نافية، و (أنتم) اسمها، و ﴿بِفَاتِنِينَ﴾ خبرها، و ﴿عَلَيْهِ﴾ من صلة الخبر، والضمير في ﴿عَلَيْهِ﴾ لله جل ذكره.
و﴿مَنْ﴾: موصولة أو موصوفة ومحلها النصب ﴿بِفَاتِنِينَ﴾، و ﴿هُوَ﴾ مبتدأ، و ﴿صَالِ﴾ خبره، والجملة صلة ﴿مَنْ﴾ أو صفة له، و ﴿مَا﴾ وما اتصل بها في موضع رفع بخبر إنّ، والمعنى: فإنكم ومعبوديكم ما أنتم وهم جميعًا بفاتنين على الله إلا أصحاب النار الذين سبق في علمه أنكم داخلوها، والفتنة هنا بمعنى الإضلال.
الزمخشري: يجوز أن يكون الواو في ﴿وَمَا تَعْبُدُونَ﴾ بمعنى (مع) مثلها في قولهم: كُلُّ رَجُلٍ وضيْعَتُهُ (٢)، فكما جاز السكوت على "كل رجل وضيعته" وإنّ كُلَّ رَجُلٍ وضيعته، جاز أن يسكت على قوله: {فَإِنَّكُمْ وَمَا
(٢) سيبويه ١/ ٢٩٩.