هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (١٠)}:
قوله عز وجل: ﴿أَنْ جَاءَهُمْ﴾ أي: لأن جاءهم.
وقوله: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا﴾ الاستفهام هنا بمعنى التعجب، ولهذا قالوا: ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ و ﴿إِلَهًا﴾ مفعول ثان، لأن الجعل هنا بمعنى التصيير، إلا أن فيه معنى القول على سبيل الدعوى والزعم، كأنه قيل: أجعل الجماعة واحدًا في قوله؟ لأن ذلك في الفعل مُحال. والعُجاب الذي بلغ النهاية في العجب، والعجيب والعجاب واحد.
وقرئ: (عُجَّاب) بالتشديد (١)، وهو أبلغ من المخفف، ونظيره: كَرِيمٌ وَكُرَامٌ وَكُرَّامٌ، وطَوِيل وطُوَالٌ وطُوَّالٌ (٢). وقال:

٥٤٥ - جَاؤوا بِصَيْدٍ عَجَبٍ مِنَ العَجَب أُزَيْرِقِ العَيْنِ وُطُوَّالِ الذَّنَب (٣)
وقوله: ﴿أَنِ امْشُوا﴾ (أن) هنا هي المفسرة بمعنى أي، لأن انطلاقهم في ضمنه معنى القول، وقد جوز أن يراد بالانطلاق الاندفاع في القول، أي: قالوا امشوا، أي: اكثروا واجتمعوا، من قولهم: مشت المرأة تمشي مَشَاءً - ممدودًا- إذا كثر نسلها (٤). وأنكر ذلك بعض أهل اللغة، وقال: لو كان كذلك لكان (أن أَمشوا) بالقطع، لأنه من أَمْشَى، وليس بشيء لأن أَمشى
(١) قرأها أبو عبد الرحمن السلمي. انظر معاني الفراء ٢/ ٣٩٨. ومعاني النحاس ٦/ ٧٩. والمحتسب ٢/ ٢٣٠ وأضافها ابن خالويه / ١٢٩/ إلى علي -رضي الله عنه-.
(٢) انظر بالإضافة إلى الفراء، والنحاس: الصحاح (كرم) و (طول).
(٣) كذا هذا الشاهد اللغوي دون نسبة في معانى الفراء ٢/ ٣٩٩. والمحتسب ٢/ ٢٣١. والمحرر الوجيز ١٤/ ٩. وزاد المسير ٧/ ١٠٣.
(٤) انظر الكشاف ٣/ ٣١٧. واقتصر عليه ابن الأنباري في البيان ٢/ ٣١٣.


الصفحة التالية
Icon