مقدار فواق. وفي الحديث: "العِيادةُ قَدْرُ فُوَاقِ ناقةٍ" (١).
ومعنى قوله جل ذكره: ﴿مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ﴾ أي: ما لها من نظرة وراحة وإفاقة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "ما لها من رجوع وترداد" (٢). مِن أفاقَ المريضُ، إذا رجع إلى الصحة، وأفاقت الناقة، إذا رجع اللبن إلى ضرعها.
وقوله: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا﴾ القِطُّ: الكتاب والصك بالجائزة، وبهما فسر قوله: ﴿عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا﴾ أي: عجل لنا كتابنا، أي: كتاب حسابنا. وقيل: كتاب جوائزنا. وقيل: نصيبنا من الذي تعدنا. وقيل: عذابنا. وقيل: حظنا من الرزق، قالوا كل ذلك استهزاء (٣).
وأصل القَطِّ: القسط من الشيء، لأنه قطعة منه، من قَطَّه، إذا قطعه، ومنه قيل لصحيفة الجائزة: قِطّ، لأنها قطعة من القرطاس (٤).
﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ﴾ (داود) بدل من العبد، أو عطف بيان له، و ﴿ذَا الْأَيْدِ﴾: صفة له. والأيدُ: القوة، وكذلك الآد، وآد فلان يَئيد أيدًا (١) وآدًا، إذا اشتد وقوي، فهو أيّدٌ وذُو أَيْدٍ وآدٍ. وقيل: الأَيْدُ أصله الأيدي بالياء، وهي النعم، فحذفت الياء تخفيفًا واكتفاءً بالكسرة عنها،

(١) كذا هذا الحديث بهذا اللفظ في زاد المسير ٧/ ١٠٧. والقرطبي ١٥/ ١٥٦. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٩٢٢٢). والديلمي في الفردوس (٤٢٢٤) بلفظ: "العيادة فواق ناقة".
(٢) أخرجه الطبري ٢٣/ ١٣٢ عنه من روايتين. وانظر النكت والعيون ٥/ ٨٢.
(٣) انظر هذه المعاني عند الفراء ٢/ ٤٠٠ وأبي عبيدة ٢/ ١٧٩. والزجاج ٤/ ٣٢٣. والطبري ٢٣/ ١٣٤ - ١٣٥. والجوهري (قطط). والماوردي ٥/ ٨٢. والمحرر الوجيز ١٤/ ١٦.
(٤) انظر الكشاف ٣/ ٣١٩.


الصفحة التالية
Icon