واستترت عن بصري بحجاب الليل (١)، يعني: الظلام. وقيل: توارت عني في الاصطبلات (٢).
وقوله: ﴿رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴾ الضمير المنصوب في ﴿رُدُّوهَا﴾ للجياد، والخطاب لمن حوله. وقيل: الضمير للشمس والخطاب للملائكة، وذلك أن سليمان عليه السلام تضرع إلى الله وسأله رد الشمس له ليصلي، فأمره بأن يقول للملائكة حتى يردوها له، فقال للملائكة: ردوها علي، فردوها فصلى العصر على ما فسر، وليس بذاك (٣). ومعنى طَفِقَ: أخذ وجعل. و ﴿مَسْحًا﴾ مصدر، أي: فجعل يمسح مسحًا، ويجوز أن يكون في موضع الحال، أي: ماسحًا. والسوق: جمع ساق. والأعناق: جمع عنق. والمعنى: يمسح السيف بسوقها وأعناقها، أي يقطعها، والعرب تقول: مسح عِلاوته، إذا ضرَبَ عنقه (٤)، ومسح قوائم البعير، إذا عقرها. وقيل: مسحها بيده استحسانًا لها وإعجابًا بها (٥). وقرئ: (بالسُّؤوق) بهمز الواو، لضمها كما في أَدْؤُر، ونظيره: الغُؤور، في مصدر غارت عينه. وقرئ أيضًا: (بالسُّؤْق) بهمزة ساكنة (٦)، على جعل الضمة في السين كأنها في الواو للقرب، والعرب تهمز نحو هذا لما ذكرت فتقول: مُؤسَى ومُؤقد.
(٢) المحرر الوجيز ١٤/ ٣١.
(٣) حكى البغوي ٤/ ٦١ عن علي -رضي الله عنه- أنه قال في معنى قوله: (ردوها عليّ) يقول سليمان بأمر الله عز وجل للملائكة الموكلين بالشمس. (ردوها عليَّ) يعني الشمس، فردوها عليه حتى صلى العصر وقتها، وذلك أنه كان يعرض عليه الخيل لجهاد عدوه حتى توارت بالحجاب. قلت: حكاه الخطيب في كتاب ذم النجوم، وضعّف رواته. (انظر كتاب الإشارة إلى سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- للحافظ مغلطاي بتحقيقنا).
(٤) جامع البيان ٢٣/ ١٥٦. وانظر مجاز القرآن ٢/ ١٨٣.
(٥) أخرجه الطبري ٢٣/ ١٥٦ عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، ورجحه.
(٦) القراءتان صحيحتان من رواية عن ابن كثير، انظر السبعة ٥٥٣ - ٥٥٤. والحجة ٦/ ٦٨. والمبسوط/ ٣٣٣/. والتذكرة ٢/ ٤٧٥.