وعطاء المعطي، ﴿ذِكْرَى﴾ أيضًا مصدر، فإذا فهم هذا، فقوله جل ذكره: ﴿بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ﴾ قرئ: بتنوين (خالصةٍ) وبتركها على الإضافة (١)، مَن نَوَّنَ فـ ﴿ذِكْرَى﴾ يجوز أن يكون في موضع رفع على الفاعلية، على: بأن خلصت لهم ذكرى الدار. وأن يكون في موضع نصب على المفعولية، أي: بأن خلصوا ذكرى الدار. وتعضد هذا الوجه قراءة من قرأ: (بخالصتهم ذكرى الدار) وهو الأعمش (٢). ومن أضاف كان في ﴿ذِكْرَى﴾ الوجهان المذكوران آنفًا، أما الرفع فعلى إضافة المصدر إلى الفاعل، وأما النصب فعلى إضافته إلى المفعول، كقوله: ﴿بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ﴾ (٣) و ﴿دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ (٤).
وقيل: (بخالصة)، أي: بنعمة خالصة، أو بخصلة خالصة لا شوب فيها، فهي صفة حذف موصوفها، ثم فسرها بـ ﴿ذِكْرَى الدَّارِ﴾ شهادةً لذكرى الدار بالخلوص والصفاء وانتفاء الكدورة عنها، فـ ﴿ذِكْرَى﴾ على هذا في موضع جر على البدل منها، أو رفع على: هي ذكرى الدار. أو نصب على إضمار أعني. ووجه الإضافة على هذا الوجه ظاهر، وهي من إضافة الشيء إلى ما يوضحه ويزيل إبهامه، لأن النعمة أو الخصلة الموصوفة بها قد تكون ذكرى الدار وغيرها.
وقيل: ﴿بِخَالِصَةٍ﴾ اسم فاعل (٥) كجالسة، أي: بما خلص من ذكرى

(١) الأكثر على التنوين، وقرأ المدنيان، ورواية عن هشام عن ابن عامر بغير تنوين على الإضافة. انظر السبعة/ ٥٥٤/. والحجة ٦/ ٧١ - ٧٢. والمبسوط/ ٣٨١/. والتذكرة ٢/ ٥٢٥.
(٢) انظر قراءة الأعمش أيضًا في الحجة ٦/ ٧٢. ومختصر الشواذ / ١٣٠/. والمحرر الوجيز ١٤/ ٤١.
(٣) من الآية (٢٤) المتقدمة في هذه السورة.
(٤) سورة فصلت، الآية: ٤٩.
(٥) كذا أيضًا في المحرر الوجيز ١٤/ ٤١. والتبيان ٢/ ١١٠٢.


الصفحة التالية
Icon