فَكَانَتْ أَبْوَابًا} (١)، فهو كقولهم. ضُرب زيدٌ اليدُ والرِّجْلُ، فإن قلت: ما هذا البدل؟ قلت: قد جوز أن يكون بدل البعض من الكل، وأن يكون بدل الاشتمال، لأن الأبواب بعض الجنات وهي مشتملة عليها، وهذا مذهب الشيخِ أبي علي رحمه الله وموافقيه، وهو كون ﴿الْأَبْوَابُ﴾ بدلًا من الضمير في ﴿مُفَتَّحَةً﴾ (٢).
وذهب الفراء وموافقوه (٣): إلى أن الأبواب مرتفعة بـ ﴿مُفَتَّحَةً﴾، وأن الألف واللام سدًّا مسد الضمير العائد من الصفة، والتقدير: مُفتحةً لهم أبوابها، وأنكر ذلك أصحابنا البصريون (٤)، لأن الحرف لا يكون عوضًا من الاسم ولا يقوم مقامه. قال أبو علي: لو جاز ذلك لم يقولوا: هند حسنة الوجه، ولقالوا: هند حَسَنُ الوجْهِ، كما قالوا هند حَسَنٌ وجهُها، ففي قولهم: هند حسنة الوجه، دلالة على أن الألف واللام لا يسدان مسد الضمير في اللفظ وإن كان المعنى على ذلك، انتهى كلامه (٥).
وقيل التقدير: مفتحة لهم الأبواب منها، فحذف (منها) كما حذف (منه) في قولهم: السَّمْنُ مَنَوانِ بدرهم، وردّ أبو علي ذلك وقال: ليس هو كقولهم: السمن مَنَوان بدرهم، لأن خبر المبتدأ قد يحذف بأسره، وإذا جاز أن يحذف جميعه جاز أن يحذف بعضه، وليست الصفة كذلك، لأنه موضع تخصيص، ولو استحسنوا هذا الحذف من الصفة كما استحسنوا من الخبر وغيره لما قالوا: مررت بامرأة حسنة الوجه.

(١) سورة النبأ، الآية: ١٩.
(٢) انظر مذهب أبي علي الفارسي في المقتصد شرح الإيضاح له ١/ ٥٤٤. وهو إعراب الزجاج ٤/ ٣٣٧ قبله.
(٣) معاني الفراء ٢/ ٤٠٨.
(٤) معاني الزجاج ٤/ ٣٣٧. ومشكل مكي ٢/ ٢٥٢. والمحرر الوجيز ١٤/ ٤٣. والبيان ٢/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٥) المقتصد الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon