ولهم غساق. وقيل: ﴿حَمِيمٌ﴾ خبر بعد خبر (١).
وقرئ: (غَسَاقٌ) بالتخفيف والتشديد (٢)، وهما لغتان في هذه الكلمة، غير أن التشديد فيه معنى التكثير، كضَرّاب وقَتَّالٍ. أي: الكثير السيلان، وهو ما يسيل من صديد أهل النار، يقال: غَسَقَت العينُ، إذا سال دمعها.
وقوله: ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾ قرئ: (وأُخَرُ) بضم الهمزة من غير مَدٍّ على الجمع (٣)، وهو مبتدأ، وقوله: ﴿مِنْ شَكْلِهِ﴾ في موضع وَصْفِهِ، وفيه ذكر مرتفع به يعود على المبتدأ، و ﴿أَزْوَاجٌ﴾ خبر المبتدأ، والضمير المجرور بالإضافة في قوله: ﴿مِنْ شَكْلِهِ﴾ يعود إلى الحميم أو إلى المذوق، دل عليه ﴿فَلْيَذُوقُوهُ﴾، ولا يجوز أن يعود إلى (وأُخَرُ) لأنه جمع والضمير مفرد، ومعنى: ﴿مِنْ شَكْلِهِ﴾: مِن ضَرْبِهِ وَمِثْلِهِ في الشدة والفظاعة، ومعنى قوله: ﴿أَزْوَاجٌ﴾: أجناس وأصناف، والزوج: الصنف والنوع.
وقرئ: (وآخَرُ) بفتح الهمزة مع المد على الإفراد (٤)، وذلك يحتمل أوجها:
أن يكون عطفًا على قوله: ﴿حَمِيمٌ﴾، أي: وعذاب آخر، أو ومذوق آخر.
وأن يكون مبتدأ و ﴿أَزْوَاجٌ﴾ مبتدأ ثانيًا، و ﴿مِنْ شَكْلِهِ﴾ خبره، والجملة خبر المبتدأ الأول، ولا يجوز أن يكون ﴿أَزْوَاجٌ﴾ هو الخبر، و ﴿مِنْ شَكْلِهِ﴾

(١) التبيان ٢/ ١١٠٤.
(٢) يعني تخفيف السين أو تشديدها، فقد قرأ الكوفيون غير أبي بكر: (وغسّاق) مشددة السين. وقرأ الباقون (وغسَاق) خفيفة السين. انظر السبعة/ ٥٥٥/. والحجة ٦/ ٧٧ - ٧٨. والمبسوط/ ٣٨١/. والتذكرة ٢/ ٥٢٥ - ٥٢٦.
(٣) قراءة صحيحة للبصريَين أبي عمرو، ويعقوب كما سيأتي.
(٤) هذه قراءة الباقين من العشرة. انظر السبعة / ٥٥٥/. والحجة ٦/ ٧٨ والمبسوط / ٣٨١/. والتذكرة ٢/ ٥٢٦.


الصفحة التالية
Icon